المسألة الأولى: ظاهر قول المؤلف هنا: أنهم لو نقصوا عن الأربعين فأصبحوا – مثلاً – تسعاً وثلاثين أو ثمانياً وثلاثين فإن الجمعة لا تنعقد ولا تصح منهم، وحينئذٍ فإنهم يستأنفون ظهراً.
وظاهر قوله هنا: سواء أدركوا ركعة أو لم يدركوها.
فمثلاً: لما انتهوا من الركعة الأولى حدث عذر لبعض المصلين فانصرف - فأصبحوا تسعاً وثلاثين – فإنهم تبطل جمعتهم.
- والقول الثاني، وهو مذهب الإمام مالك أنها لا تبطل، ومثل هذا في الحقيقة هو القوي، لأن إبطالها بخروج رجل واحد، هذا محل مشقة على المصلين، فكان الأولى ما ذهب إليه الإمام مالك فيما إذا أدركوا ركعة فيها لقوله صلى الله عليه وسلم: (من أدرك ركعة من الجمعة فقد أدرك الجمعة) رواه النسائي بإسناد صحيح من حديث أبي هريرة، وهؤلاء قد أدركوا ركعة من الجمعة، وهو قول لبعض الحنابلة وهو الراجح.
المسألة الثانية: فهي أنه إذا دخل مع الإمام فلم تصح له الجمعة فإنه يجب عليه أن يستأنفها، فبطلان الجمعة يوجب استئنافها لا إتمامها.
فمثلاً: كبروا ثم ثبت أنهم ليسوا بأربعين أو حدث عذر كما تقدم، فإن الواجب أن يستأنفوها ظهراً، فيقطع الإمام صلاته ويكبر مرة أخرى بنية الظهر.
فإذا بطلت أثناء صلاتهم الجمعة بنقص العدد المذكور، فالواجب عليهم أن يستأنفوها ظهراً، ولا يتموها ظهراً بل يستأنفونها من جديد.
قالوا: لأن الجمعة صلاة مستقلة فليست بظهر، وقد دخل فيها بنية الجمعة، وإنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى.
وقال بعض الحنابلة: يتموها ظهراً بلا استئناف.
واستدل: بأنها ظهر مقصورة.
وتقدم أن هذا ضعيف، وأن الجمعة صلاة مستقلة على الصحيح، فيشترط فيها أن ينويها جمعة.
ويتضح هذا في مسألة ذكرها المؤلف بعد ذلك وهي قول:
قال: (من أدرك مع الإمام منها ركعة أتمها جمعة)