أما قول جابر فهو ضعيف؛ لأن فيه عبد العزيز بن عبد الرحمن وهو متروك فهو ضعيف جداً.

وأما حديث كعب بن مالك في تجميع أسعد بن زراره بهم، فهو وإن كان حديثاً حسناً، فإن هذا قد وقع اتفاقاً، وليس فيه أنهم لو كانوا أقل من ذلك كأن يكون ثلاثين أو عشرة – أنه لم يجمع بهم إنما فيه جواز التجميع بأربعين وإقامتها بأربعين.

ويرد هذا القول بما ثبت في مسلم عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم: (كان يخطب قائماً يوم الجمعة فجاءت عير من الشام فانفتل الناس إليها ولم يبق مع النبي صلى الله عليه وسلم إلا اثنا عشر رجلاً) فنزل قوله عز وجل: {وإذا رأوا تجارة أو لهواً انفضوا إليها وتركوك قائماً} ، فقد بقي مع النبي صلى الله عليه وسلم اثنا عشر رجلاً، قال الحنابلة ومن ذهب إلى قولهم: لا مانع من أن يكونوا قد رجعوا وقد سمعوا من الخطبة ما يجزئ وأقاموا الصلاة مع النبي صلى الله عليه وسلم.

والجواب عن هذا أن يقال: إن هذه دعوى تحتاج إلى دليل فقد أخبرنا الله عن انفضاضهم ولم يخبرنا عن رجوعهم وتعليق الحكم برجوعهم يحتاج إلى دليل يدل على ذلك. فعلى ذلك هذا القول ضعيف كما تقدم.

وأما ما ذهب إليه أبو حنيفة فكذلك، فإن الحديث فيه راو متروك، وقد ورد من طرق في أسانيده رجال ضعاف جداً فلا يرتقي إلى درجة الحسن.

وأما ما ذهب إليه شيخ الإسلام وهو مذهب صاحبي أبي حنيفة وهو قولهم: أن الجمعة تصح بثلاثة، واستدلوا بالحديث المتقدم: (إن كانوا ثلاثة فليؤمهم أحدهم)

والجواب عنه: أن يقال: قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (وليؤمكما أكبركما) فصحت الجماعة باثنين فالجماعة اثنان فما فوق، فكوننا نفرق بين الاثنين والثلاثة هذا تفريق لا دليل عليه، فإذا جوزنا الثلاثة فكذلك الاثنين.

لذا ذهب أهل القول الأخير وهم الظاهرية وهو مذهب الطبري: إلى أنها تجزئ باثنين.

واستدلوا:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015