فلصحة الجمعة شروط يذكرها المؤلف، وليس فيها إذن الإمام.
فالمسألة: هل يشترط لإقامة الجمعة في قرية أو مصر أو في خيام على القول بصحتها قد استوطن أصحابها فيها لا يرتحلون عنها صيفاً ولا شتاءً هل يشترط في إقامتها إذن الإمام أم لا؟
قولان لأهل العلم:
1- المشهور عند الحنابلة وهو مذهب جمهور الفقهاء: وأن إذن الإمام ليس بشرط، وهو الذي يترجح في هذه المسألة.
واستدلوا: بقول عثمان رضي الله عنه: في الأثر المتقدم في صلاة إمام الفتنة فيهم وفيه أنه قال: (إن الصلاة أحسن ما يعمل الناس فإذا أحسنوا فأحسن معهم، وإذا أساؤا فاجتنب إساءتهم) والصلاة تشمل المكتوبة كلها، ومن ذلك الجمعة.
وقال الإمام أحمد: " وقعت الفتنة في الشام تسع سنين فكانوا يجمعون " أي من غير إذن الإمام.
قالوا: ولأن الجمعة فرض كما في حديث: (الجمعة حق واجب على كل محتلم في جماعة) وغيره من الأحاديث وفعل هذه الفريضة لا يشترط فيها إذن الإمام.
- وقال الأحناف، وهو رواية عن الإمام أحمد: بل يشترط فيها إذن الإمام.
واستدلوا: بأن الجمعة إنما يقيمها في كل الأعصار الإسلامية الأئمة، قالوا: فهذا إجماع يدل على أنها لا تشرع إقامتها إلا بإذنهم.
وفي هذا نظر – كما قرر ذلك الموفق في المغني – من وجهين:
الأول: أن يقال: إن الإجماع هنا لا يسلم، فإن كونهم يقيمونها – أي الأئمة – لا يعنى ذلك أنهم مجمعون على أنهم لو لم يقيموها فإنها باطلة، بل فيه أن الأئمة يقيمونها، ففيه الإجماع على صحة الصلاة التي يقيمها الأئمة، وأن المشروع فيها في الأصل إقامة الأئمة، وليس فيه المنع من أن تقام بغير إذنهم.
إن هذا لا يسلم فإنها كانت تقام في قرى كثيرة في العصور الإسلامية بغير إذن الإمام، وادعاء وقوع ذلك بإذنه فيه عسر أي أن ذلك كله كان يقع بإذنه فيه عسر.