أما إذا سافر قبل زوال الشمس أو قبل الأذان فيجوز له ذلك، لقول عمر رضي الله عنه – كما ثبت ذلك عنه في مصنف عبد الرزاق – بإسناد صحيح أنه قال: (أن الجمعة لا تحبس مسافراً إلا أن يحين الرواح) أي إلا حين يجب الرواح وإنما يجب الرواح عند الأذان.
وأما ما رواه أحمد والترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم: بعث عبد الله بن رواحة في سرية يوم الجمعة فمكث بعض أصحابه فشهد الجمعة مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم أراد أن يلحق بأصحابه فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لو أنفقت ما في الأرض ما أدركت فضل غدوتهم) والحديث إسناده ضعيف فيه الحجاج بن أرطاة وهو ضعيف مدلس. فالحجة هو قول عمر ولأنه غير مكلف بحضورها حينئذٍ فجاز له أن يسافر.
إذن: - على الراجح – إن سافر وقد أذن فقد فعل أمراً محرماً إلا أن يكون في طريقه جمعة يغلب على ظنه أن يدركها فإن هذه مسألة أخرى، كأن تكون الخطبة فيها طول فيعلم أنه يحضر الصلاة في مسجد قريب من المدينة في قرية قريبة وتيقن من ذلك فلا بأس. أما سوى ذلك فلا يجوز له.
والسفر قبل زوال الشمس جائز لكن قال الحنابلة بالكراهية.
وقال بعض الحنابلة: لا يكره، وهو أظهر؛ فإن الكراهية حكم شرعي ولا دليل عليه.
فإذن السفر قبل زوال الشمس يوم الجمعة جائز وليس فيه أي كراهية لعدم الدليل الدال على الكراهية.
مسألة:
ذكر الحنابلة أن من فاتته الجمعة فإنه يتصدق بدينار أو نصفه؛ لما روى أبو داود أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (من ترك الجمعة بغير عذر فعليه دينار أو نصف دينار) ، والحديث ضعيف لا يثبت فلا يحتج به، وقد ذكره صاحب الفروع: وحكى الإجماع على عدم وجوب ذلك، والاستحباب فيه نظر؛ لأن الحديث ضعيف فلا يستدل به على مسألة إيجاب ولا استحباب.
والحمد لله رب العالمين
فصل
قال المؤلف رحمه الله تعالى: (يشترط لصحتها شروط ليس فيها إذن الإمام)