فما ذهب إليه أهل القول الأول هو الراجح وهو صحة الجمعة وإن لم يأذن الإمام، وسيأتي البحث في هذه المسألة إن شاء الله في مسألة تعدد الجمعات، وهل هذا الإذن غير معتبر من الإمام مطلقاً أو حيث كانت الجمعات متعددة.
فالراجح في أصل هذه المسألة أن إقامة الجمعة لا يشترط فيها إذن الإمام.
قال: (أحدها: الوقت)
فهو شرط للجمعة إجماعاً لقوله تعالى: {إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً} والجمعة صلاة فدخلت في الصلوات المؤقتة، فالجمعة لها أول وآخر بإجماع أهل العلم، فلا تصح قبله ولا تصح بعده، وفرض أن تصلى فيه، وإن كانوا قد اختلفوا في بعض جزئيات هذه المسألة.
قال: (أوله أول وقت صلاة العيد وآخره آخر وقت صلاة الظهر)
أما كون آخر وقت صلاة الجمعة هو آخر وقت صلاة الظهر وهو وجوب أذان العصر فهذا بالإجماع.
* وإنما اختلفوا في أول وقتها:
فالمشهور عند الحنابلة: أن أوله أول وقت صلاة العيد أي إذا ارتفعت الشمس قيد رمح، وقد نص عليه الإمام أحمد.
والثاني، وهو رواية عن الإمام أحمد: أن أول وقتها في الساعة السادسة أي قبل زوال الشمس بنحو ساعة، وهو اختيار الموفق وأبي بكر عبد العزيز، وظاهر كلام الخرقي.
الثالث وهو رواية عن الإمام أحمد وهو مذهب الجمهور واختارها الآجري من أصحاب أحمد: أنها لا تصح إلا بعد زوال الشمس.
أما أدلة الجمهور:
فهو القياس على صلاة الظهر، فإن الجمعة وإن كانت أصلاً في يوم الجمعة فهي بدل عن الظهر فيه، وإن كان الظهر في يوم الجمعة بدلاً عنها من جهة أخرى.
فالأصل الظهر لكن الشارع جعل الأصل في يوم الجمعة هو صلاة الجمعة، فكانت الظهر بدلاً عنها، فالأصل إنما هو في سائر الأيام هو صلاة الظهر، لكن الشارع استثنى من ذلك يوم الجمعة فجعل الجمعة أصلاً فيه، والظهر بدلاً عنها، وكون الظهر بدلاً عن الجمعة يدل على ارتباط بعضها ببعض.
قالوا: فحينئذٍ وقتها هو وقت صلاة الظهر.