تقدم البحث عن سفر القصر وهو السفر الذي يثبت به سفر القصر.
وقوله: " سفر قصر " بناءً على أن السفر قسمان:
سفر طويل: وهو سفر قصر.
وسفر قصير: وهو السفر الذي لا يثبت به القصر.
فما كان دون أربعة برد فهو السفر القصير، وما كان أربعة برد فما فوق فهو السفر الطويل، وتقدم أن هذه القسمة لا تصح ولا دليل عليها من الشرع ولا اللغة ولا العرف.
والمقصود هنا: أنه على اختلاف أهل العلم، فمتى قلنا: إن السفر سفر قصر تقصر فيه الصلاة، وأن هذا مسافر سفراً تقصر بمثله الصلاة فإنه لا تجب عليه الجمعة.
فإذن: المسافر لا تجب عليه الجمعة.
ويريدون بالمسافر: من ليس بمستوطن ولا مقيم، والمستوطن من اتخذ البلدة أو القرية أو المصر ونحو ذلك اتخذه وطناً.
وأما المقيم فهو من لم يتخذه وطناً لكنه نوى إقامة تمنعه من القصر، والذي لا تجب عليه الجمعة هو المسافر وهو: من نوى إقامة أربعة أيام فأقل.
إذن: المقيم والمستوطن تجب عليهم صلاة الجمعة.
وأما المسافر الذي يحق له أن يقصر الصلاة يجوز له أن يدع الجمعة فلا يحضرها ويصليها حينئذٍ ظهراً.
- والمذهب: أنه لا فرق بين أن يكون هذا في جماعة من المسافرين ليس تحضرهم جمعة كأن يكونوا في الطريق فيدركهم الوقت أو يكون في بلدة فينزل فيقيم فيها إقامة يثبت فيها القصر، ففي كلا الصورتين لا يجب عليه حضور الجمعة ومن هنا عبر المؤلف بقوله: " ولا تجب على مسافر " لتدخل هذه الصورة الثانية بظهور.
لأن الأولى غير جائزة ولا مجزئة فلوا صلوا جمعة لبطلت والواجب عليهم أن يصلوا ظهراً.
والنبي صلى الله عليه وسلم – وهذا باتفاق العلماء – لم يكن يصلي في سفره جمعة لا في حجته ولا في غزواته وعمرته.