ومن ذلك ما ثبت في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم: (أتى عرفة فصلى بها الظهر ثم أقام فصلى العصر) وكان ذلك يوم جمعة، ودل عليه فعل الخلفاء الراشدين وأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عامة فإنهم كانوا لا يقيمون الجمعة في السفر.
وروى الدارقطني مرفوعاً عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ليس على المسافر جمعة) ورواه الطبراني في الأوسط من حديث أبي هريرة، وكلا الإسنادين ضعيف، لكن كلاً منهما يشهد للآخر وفعل النبي صلى الله عليه وسلم وفعل أصحابه يشهد لذلك.
واحتمل شيخ الإسلام: أن المسافر الذي يكون في مكان ينادى فيه لصلاة الجمعة تلزمه للمقيمين، وقال في الفروع: " وهو متوجه " وقاله بعض الحنابلة وحكي رواية عن الإمام أحمد.
فهذا قول ثاني في الصورة الثانية، أما المسألة الأولى فلا خلاف فيها كما تقدم.
أما المسألة الثانية: فالجمهور على أنه لا يجب عليه حضورها.
- وقال ابن تيمية محتملاً: إنه تلزمه تبعاً للمقيمين، وحكي ذلك رواية عن أحمد وهو وجه عند الحنابلة وهو قول متوجه كما قال ذلك صاحب الفروع.
ودليل توجهه عمومات النصوص الشرعية التي تأمر بإجابة النداء عند سماعه، ومن ذلك - في خصوص الجمعة – قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله} وهذا عام في كل من سمعه من أهل المصر أو القرية سواء كان مسافراً أو مقيماً، وهذا القول أظهر في صلاة الجمعة وفي غيرها من الصلوات فيجب عليه أن يجيب منادي الله عز وجل، لعمومات النصوص الشرعية.
قال: (ولا عبد ولا امرأة)
تقدم الدليل على هذا وهو باتفاق أهل العلم لحديث: (الجمعة حق واجب على كل مسلم في جماعة إلا أربعة – وذكر منهم – المرأة والمملوك)
قال: (ومن حضرها منهم أجزأته)