قالوا: ونظرنا فوجدنا أن المؤذن إذا أذن في موضع عال على السنة، وكان رفيع الصوت صيتاً – كما وردت به السنة – وكان الصوت هادئاً والريح ساكنة فإن أذانه يصل إلى فرسخ وهو ثلاثة أميال أي نحو 5 كيلو مترات، وهذا ظاهر، فإذا جعلنا هذا ضابطاً فهذا يكون منضبطاً ظاهراً، وحينئذٍ يكون كما لو كان المؤذن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وكما لو كان في الأحوال العادية الطبيعية من سكون الريح ومن كون الأصوات هادئة.

ولأن خلاف هذا يؤول إلى إيجاب الجمعة على قوم وعدم إيجابها على قوم هم مما يكون لهم أولى منهم، فإن الصوت إذا ذهب به الريح إلى جهة أدى ذلك إيجابه على هذه الجهة دون غيرهم ممن هم أقرب منهم. وكذلك باختلاف سمع الناس وباختلاف صوت المؤذن.

فإذا: أذن مؤذن حيث وصل الأذان إليهم فوجبت فإذا أذن في جمعة أخرى مؤذن خفيف الصوت لم تجب ذلك عليهم، فحينئذٍ لا يكون ذلك منضبطاً.

فالراجح ما ذهب إليه أهل هذا القول: من أن الحساب يكون بفرسخ – وهذا لا شك حيث لم يكن فيه مشقة – إذ المشقة متى ثبتت فإنه لو كان قريباً من المسجد فلا يجب على الحضور.

وهذا في العادة ليس فيه مشقة إذا كان ست كيلو مترات أو نحو ذلك فإن هذا أحياناً يكون ممن في أطراف المدينة يبعد أكثر من ذلك، والمدينة كانت بريداً في بريد يعني أربعة فراسخ في أربعة فراسخ، فكان بعض الناس يبعد عن المسجد النبوي وهو من أهل المدينة فرسخان أو أكثر أو نحو ذلك فهذا إذاً لا مشقة فيه.

- وذهب طائفة من أهل العلم: إلى أن من آواه بيته ومنزله قبل الليل فإنه يجب عليه أن يحضرها.

فإذا ذهب صباحاً وعلم أنه يعود قبل الليل فيجب عليه حضورها.

واستدلوا: بحديث لا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم رواه الترمذي: (الجمعة على من آواه الليل) لكن الحديث لا يثبت وإسناده ضعيف جداً.

والحمد لله رب العالمين

قال المؤلف رحمه الله تعالى: (ولا تجب على مسافر سفر قصر)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015