فهذه أحاديث تدل على ثبوت الجمع في السفر، وهي حجة على من أنكر ذلك من الأحناف في تخصيصهم الجمع بعرفة ومزدلفة.

قالوا: لأن الأحاديث في المواقيت متواترة فلا تخصص بذلك.

لكن صحتها عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وثبوتها يخصص به المتواتر كما هو مقرر في علم أصول الفقه.

بل الأحاديث متواترة في أصل الجمع في السفر أو مستفيضة في ذلك، وحينئذ قوله: (يجوز) ، ظاهره أن ذلك مباح وليس بمستحب.

وهو المشهور في المذهب قالوا: وتركه أفضل.

وعن الإمام أحمد: أن الجمع في السفر أفضل، وهذا القول أرجح في موضع، والأول أرجح في موضع آخر.

أما كون الثاني أرجح، فهو في موضع الارتحال حيث جد به السير.

فالمستحب له الجمع لثبوت السنة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك ومداومته على هذا الفعل تدل على أنه هو المستحب.

وأما إذا كان نازلاً فإن المشهور من فعله – - صلى الله عليه وسلم - – أنه كان يصلي الصلاة في وقتها كما صح ذلك في حجته في صلاته في منى، فإنه كان نازلاً في منى وكان يصلي الصلوات في وقتها ولا يجمع ولم يصح عنه أنه جمع في نزوله إلا ما ثبت في موطأ مالك بإسناد صحيح – وهو دليل الجواز – عن معاذ أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: (أخر الصلاة في غزوة تبوك يوماً ثم خرج فصلى الظهر والعصر جميعاً ثم دخل، ثم خرج فصلى المغرب والعشاء جميعاً) .

لكن الذي كان يداوم عليه – - صلى الله عليه وسلم - – هو الجمع حيث جد به السير، فإن نزل فإنه كان يصلي الصلوات في وقتها ولا يجمع إلا في أحوال نادرة كما تقدم في حديث معاذ الدال على جواز الجمع في حال النزول.

قال: (والمريض يلحقه بتركه مشقة)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015