فالمريض يجوز له الجمع إن كان في صلاته الصلوات في وقتها مشقة عليه، لأن الشريعة قد أتت بنفي الحرج، وقد قال ابن عباس – كما في الصحيحين – (جمع النبي - صلى الله عليه وسلم - بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء من غير خوف ولا سفر) وفي مسلم (بالمدينة من غير خوف ولا مطر فسئل عن ذلك فقال: أراد ألا يحرج أمته) .
فدل أنه حيث وقع الحرج فإنه يجوز له أن يجمع.
وقد وردت السنة بالجمع للمستاحضة كما ثبت هذا في مسند أحمد وسنن أبي داود والترمذي، قال الإمام أحمد: " ومثل ذلك المرضع التي يشق عليها أن تغسل ثوبها لكل صلاة " أي من نجاسة الطفل فيجوز لها الجمع للحرج، وهذا واضح في مثل الشتاء حيث يشق ذلك عليها.
ومثل ذلك: حيث خاف على نفسه أو أهله أو ماله – كما تقدم – في العذر في ترك صلاة الجماعة.
وهذا هو المشهور في المذهب – أي الجمع للمريض – ونص الإمام أحمد واختيار شيخ الإسلام.
قال: (وبين العشاءين لمطر يبل الثياب أو وحل)
فإذا كان المطر يبل الثياب وحينئذ تحصل المشقة، فلا تحصل المشقة في المطر القليل أو الطل الذي لا يثبت بمثله أذى.
أما الذي يبل الثياب وهو الذي يثبت بمثله الأذى فإنه يجوز الجمع فيه بين العشاءين.
واستدلوا: بما في الموطأ بإسناد صحيح أن ابن عمر: (كان إذا جمع الأمراء بين المغرب والعشاء في المطر جمع معهم) ، وثبت في البيهقي بإسناد صحيح: أن عمر بن عبد العزيز: (أنه كان يجمع بين المغرب والعشاء في المطر) ، وأن سعيد بن المسيب وعروة وأبا بكر بن عبد الرحمن ومشيخة ذلك الزمان كانوا يصلون معه ولا ينكرون ذلك قالوا: فكان ذلك إجماعاً.
وظاهر قوله: (بين العشاءين) أنه لا يجمع بين الظهر والعصر في المطر – وهذا هو المشهور في مذهب الحنابلة.