قال المؤلف رحمه الله تعالى: (يجوز الجمع بين الظهرين وبين العشاءين في وقت إحداهما في سفر قصر) .
هذا فصل في الكلام في الجمع بين صلاتي الظهر والعصر وهما الظهران، والمغرب والعشاء وهما العشاءان من باب التغليب.
وقد أجمع العلماء على أن الجمع لا يشرع بين غيرهما من الصلوات، فلا جمع بين عصر ومغرب، ولا عشاء وصبح، ولا صبح وظهر، فهذا بالإجماع لا يصح فيه الجمع.
فيجوز الجمع في وقت إحداهما تقديماً أو تأخيراً، فتقديماً بأن يصلي الظهر والعصر في وقت الظهر، وكذلك المغرب والعشاء في وقت المغرب، وتأخيراً بأن يصلي الظهر والعصر في وقت العصر، أو المغرب والعشاء في وقت العشاء.
(في سفر قصر) : فيجوز الجمع بين الصلوات في السفر الذي يصح فيه القصر وقد تقدم الكلام عليه.
دليل ذلك: ما ثبت في الصحيحين عن أنس بن مالك قال: (كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا كان في سفر فارتحل قبل أن تزيغ الشمس أخر الظهر إلى وقت العصر ثم نزل فجمع بينهما، فإذا زاغت الشمس قبل أن يرتحل صلى الظهر ثم ركب) قال في البلوغ: " وفي رواية الحاكم في الأربعين بالإسناد الصحيح: (صلى الظهر والعصر ثم ركب) ".
وروى الإسماعيلي نحوه – كما في الفتح – أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: (كان إذا كان في سفر فارتحل بعد أن زالت الشمس صلى الظهر والعصر جميعاً ثم ارتحل) فهذا الحديث يدل على ثبوت الجمع في السفر.
وثبت في مسلم عن معاذ بن جبل قال: (خرجنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في غزوة تبوك فكان يصلي الظهر والعصر جميعاً، والمغرب والعشاء جميعاً) .
وثبت في مسند أحمد وسنن أبي داود والترمذي وصححه من حديثه أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: (كان إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس صلى الظهر والعصر جميعاً في وقت العصر، وإذا ارتحل بعد أن زاغت الشمس صلى الظهر والعصر جميعاً في وقت الظهر، وهكذا المغرب والعشاء) .