وخالف إسحاق رحمه الله تعالى – المشهور عند أهل العلم – فقال: إذا صلى المسافر خلف المقيم فإنه له أن يصلي قصراً؛ لأن الإقتداء لا يزيل هذا الحكم، كما لو اقتدى المقيم بالمسافر فإنه يتم صلاته بالإجماع، فكذلك هنا.
وهذا قياس يخالف النص ولعله لم تبلغه السنة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
قال: (أو بمن يشك فيه)
هذه المسألة تنبني على هل تشترط النية في القصر أم لا؟
يعني: هل يشترط لمن أراد أن يصلي في السفر أن ينوي القصر أم لا؟
المشهور من المذهب – كما سيأتي –: أن ذلك فرض.
وقال بعض الحنابلة: لا يشترط ذلك، وهو مذهب الجمهور.
ولم يثبت عن الإمام أحمد نص يخالف هذا، وهو اختيار شيخ الإسلام؛ لأن الاشتراط لا دليل عليه من كتاب الله ولا سنة نبيه ولا أقوال الصحابة - رضي الله عنهم -، فلا يشترط له أن ينوي القصر كما لا يشترط له – في الحضر – أن ينوي الإتمام، لأن التمام هو صلاة الحاضرين، فكذلك في القصر لا يشترط له أن ينوي القصر؛ لأن القصر هو صلاة المسافرين، فلا دليل على اشتراط نية القصر.
فالأصل في السفر هو القصر كما أن الأصل في الحضر هو الإتمام، وكما أنه لا يشترط نية الإتمام في حال الحضر فكذلك لا يشترط نية القصر في حال السفر، فإن صلاة السفر ركعتان كما تقدم في الأدلة الصحيحة، وهذا مذهب الجمهور.
أما الحنابلة فقالوا: أنه إذا أطلق فكبر ولم ينو فإنها تصرف إلى الأصل وهو التمام.
وهذا ليس بصحيح، فإن التمام أصل في صلاة الحاضرين وليس بأصل في صلاة المسافرين، لما تقدم من الأدلة كما في حديث عمر: (صلاة السفر ركعتان)
فالأصل في صلاة السفر القصر فلم تشترط النية، بل لو نوى الإتمام ثم رأى القصر فإنه يقصر ولا يؤثر فيه هذه النية، فالنية ليست بمؤثرة؛ لأن هذه هي السنة فصلاة السفر ركعتان.
وهذا لا يشكل على فرضيتها فيما تقدم ترجيحه.