- وذهب الأحناف وهو قول لبعض الحنابلة: إلى أنه يصليها قصراً، وهو القول الراجح؛ لأن الصلاة قد وجبت عليه بخروج وقتها فتعلقت في ذمته على وجه القضاء، والقضاء يحكي الأداء، فلو أنه صلاها في السفر أداء لكانت قصراً لا تماماً، والقضاء يحكي الأداء.
فالراجح أنه يقصر؛ لأن هذه الصلاة تعلقت في ذمته على أنها قصر والقضاء يحكي الأداء، فالذي فاته إنما هو ركعتان لا أربع فلم يفته من الصلاة أربع ركعات وإنما فاته ركعتان والقضاء إنما يكون للشيء الفائت.
قال: (أو ائتم بمقيم)
يعني مسافر ائتم بمقيم سواء كان هذا الائتمام من أول الصلاة أو في أثنائها.
أما كونه من أول الصلاة: فصورته: رجل مسافر فكبر خلف مقيم وأدرك معه تكبيرة الإحرام.
وأما في أثنائها: كأن يكبر خلف إمام مسافر ثم يطرأ على المسافر عذر يقتضي الاستخلاف فيستخلف مقيماً.
فهاتان الصورتان كلاهما لمسألة واحدة وهي صلاة المسافر خلف المقيم فيجب أن يصلي تماماً لصلاة الإمام، وهذا باتفاق أهل العلم (والمراد: هنا المذاهب الأربعة) .
ودليل ذلك: ما ثبت في مسند أحمد بإسناد صحيح: أن ابن عباس - رضي الله عنه - قيل له: (إنا إذا صلينا في رحالنا – أي في حال السفر – صلينا ركعتين، وإذا صلينا معكم صلينا أربعاً؟ وكان ابن عباس من المكيين وكان يصلي تماماً " فقال: (سنة النبي - صلى الله عليه وسلم -) .
وهو ثابت من فعل ابن عمر - رضي الله عنه - كما في البيهقي بإسناد صحيح ولا يعلم لابن عمر مخالف، وهو كذلك السنة كما تقدم.
إلا أن الإمام مالك – وهو الراجح في هذه المسألة – يستثنى ما إذا فاته الركوع من الركعة الأخيرة فإنه يصلي قصراً وقد تقدم الكلام على ذلك.