أ – مذهب جمهور العلماء: إلى أن ذلك للاستحباب، وهو المشهور في مذهب الحنابلة، فهي مستحبة وفعلها قصراً أفضل من فعلها تماماً، وإن أتم جاز ذلك وصح من غير كراهية.
ب – وعن الإمام أحمد وهو اختيار شيخ الإسلام واستظهره صاحب الفروع: أن الإتمام مكروه.
فهذا هو مذهب الحنابلة في هذه المسألة.
استدل جمهور أهل العلم على استحبابها بما يلي:
قوله تعالى: {فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة} فنفى الله الجناح، ونفي الجناح يدل على الإباحة.
وهذا الاستدلال ضعيف، بل نفي الجناح لا يدل على نفي الإيجاب بل يدل على نفي الإثم والتحريم أي لا أثم ولا تحريم.
أما مسألة نفي الإيجاب فلا تدل عليها هذه الآية بدليل أن الله تعالى قال: {فلا جناح عليه أن يطوف بهما} والطواف بين الصفا والمروة - وهو باتفاقهم - فرض وركن أو واجب.
ولو قالوا بظاهرها هو الإباحة المطلقة فضلاً عن أن يكون ذلك للاستحباب فهذه الآية ليس فيها نفي الإيجاب ولا إثبات الاستحباب بل فيها الإخبار أنه لا تحريم في ذلك ولا حرج ولا جناح.
وبما ثبت في النسائي ورواه أبو داود والطيالسي وقال الدارقطني إسناده حسن: أن عائشة قالت: (اعتمرت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في رمضان فصام وأفطرت وقصر وأتممت فقال لها النبي - صلى الله عليه وسلم - (أحسنت) لما ذكرت ذلك له ".
قال الدارقطني: إسناده حسن (لكن قال في كتاب العلل وهو أقوى في التضعيف والحكم على الأحاديث: (الراجح أنه مرسل) أو نحو ذلك وهو كما قال، وأنكر هذا الحديث شيخ الإسلام فإنه لا يعقل أن عائشة تخالف النبي - صلى الله عليه وسلم -، فتخالف هديه بكونها تصوم وهو مفطر وتتم وهو يقصر فالحديث لا يثبت، وإن كان قد صح عنها أنها كانت تتم في السفر وتقول: (إنه لا يشق علي) رواه البيهقي لكن كما قال عروة: (تأولت كما تأول عثمان) .