وذكره الإمام أحمد عن أنس بن مالك ولا يعلم له مخالف وقواعد الشريعة تقتضي ذلك لرفع الحرج – كما تقدم – في قوله: {وما جعل عليكم في الدين من حرج} والمشقة تجلب التيسير – ولم أر في هذه المسألة خلافاً بين أهل العلم – لكن مع القدرة على النزول لا يجزئه ذلك.

قال: (لا للمرض)

فالمريض لا يجزئه أن يصلي على راحلته.

وقال بعض الحنابلة وصوبه صاحب الإنصاف وهو رواية عن الإمام أحمد: أنه يجزئه ذلك. وهذا القول ظاهر، لكن بشرط ألا يكون في نزوله فعل أركان لا يمكن فعلها في حال صلاته على الراحلة.

فإذا كان المريض مثلاً: يومئ بالركوع والسجود على النافلة ويمكنه أن يسجد على الأرض ويركع ويقوم فيجب عليه أن ينزل للقيام والركوع والسجود وفعل غيرهما من الأركان، لكن هذا الشرط ألا يشق عليه مشقة ظاهرة، فإنه يصلي على راحلته وإن ترك شيئاً من الأركان المتقدمة.

إذن: الظاهر: أنه إن كانت أفعاله كأفعاله على الأرض فإنه لا فرق بين أن يصلي على الراحلة أو على الأرض، لكن إن كان قادراً على فعل شيء من الأركان في حال النزول فيجب أن ينزل إلا أن يُلحقه ذلك مشقة ظاهرة فإن المشقة تجلب التيسير.

والحمد لله رب العالمين.

فصل في صلاة المسافر

قال المؤلف رحمه الله تعالى: (من سافر سفراً مباحاً أربعة برد سن له قصر رباعية ركعتين، إذا فارق عامر قريته أو خيام قومه)

هذه الجملة فيها مسائل:

المسألة الأولى: مشروعية صلاة السفر وأنها مشروعة قد دل على ذلك الكتاب في قوله: {وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا} ، وبسنة النبي - صلى الله عليه وسلم - في فعله وقوله، وبإجماع أهل العلم على مشروعية قصر الصلاة للمسافر.

وقد اختلف أهل العلم هل هذه المشروعية للاستحباب أم للفرضية؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015