فتأولت أن القصر إنما شرع للمشقة، فرأت أنه لا مشقة فيه عليها فكانت لا تقصر، فلا يعدو ذلك إلا أن يكون تأولاً منها.
أما الرواية عنها بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - (أحسنت) فلا يثبت ذلك، فالحديث مرسل وقد أنكره شيخ الإسلام.
وأما ما رواه الدارقطني من حديثها: أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: (كان يتم ويقصر، ويصوم ويفطر) فالحديث إسناده ضعيف. فهذه أدلة جمهور العلماء.
وذهب طائفة من أهل العلم من الصحابة والتابعين وهو مذهب الأحناف: إلى أنه فرض في السفر، وهو مذهب ابن عباس وعمر بن عبد العزيز والثوري وحماد بن أبي سليمان.
فقد قال ابن عباس – كما في سنن سعيد بن منصور -: (من صلى في السفر أربعاً فكمن صلى في الحضر ركعتين) وهذا منه إبطال للصلاة، فإن من أتم في السفر تبطل صلاته كما لو قصر في الإقامة، ولما سئل – - رضي الله عنه - – عن قصر الصلاة فقال: (ليس تقصيرها ولكن إتمامها وسنة النبي - صلى الله عليه وسلم -) رواه عبد الرزاق.
ودليل هؤلاء:
ما ثبت في الصحيحين عن عائشة قالت: (أول ما فرضت الصلاة ركعتين فأقرت صلاة السفر وأتمت صلاة الحضر) فقولها " وأقرت " يدل على أنها أقرت على الفريضة لكن يشكل عليه ما تقدم من مذهب عائشة، وهذا هو لفظها.
لكن يقال: إن هذا من باب الرواية، وأما ما تقدم فهو من باب الرأي ولا يعارض رأي الراوي بروايته، بل تبقى الرواية على وجهها.
واستدلوا – وهو أصرح في الاستدلال – بما رواه مسلم في صحيحه عن ابن عباس قال: (فرضت الصلاة على لسان النبي - صلى الله عليه وسلم - على المسافر ركعتين، وعلى المقيم أربعاً، وفي الخوف ركعة)
فقال: " فرضت " والفرضية لفظ صريح في الإيجاب.
وبما ثبت في النسائي بإسناد صحيح عن عمر أنه قال: (صلاة السفر ركعتان، وصلاة الجمعة ركعتان، وصلاة العيد ركعتان تمام غير قصر على لسان النبي - صلى الله عليه وسلم -) .