وجواب آخر أن يقال: معلوم أن أبا بكر كان شبيه النائب للنبي - صلى الله عليه وسلم - وكان يسمر معه وعمر في مصالح المسلمين، فكان كنائب السلطان ونائب السلطان أحق بالنيابة من غيره عند غياب السلطان فالراجح ما نص عليه الحديث: (يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة) .

ويقدم الأفقه على الفقيه فيما إذا كان كلاهما فقيه.

ويقدم الأفقه في أحكام الصلاة على غيره ممن هو أفقه في أبواب أخرى كالجنايات والبيوع، لأن قوته في الفقه في أبواب الصلاة متعلقة بالصلاة وهو سبب في أدائها على أتم ما يكون وأكمل.

قال: (ثم الأسن)

يعني الأكبر سناً، لقوله - صلى الله عليه وسلم - لمالك بن الحويرث: (إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكبركم) وسيأتي بيان الحق في هذه المسألة.

قال: (ثم الأشرف)

لقوله - صلى الله عليه وسلم -: (قدموا قريشاً ولا تقدموها) رواه أحمد. والأشرف المراد به القرشي، ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: (الإمامة في قريش) وشيخ الإسلام لا يرى التقديم بالنسب، قال في الإنصاف: "ولم يقدم تقي الدين بالنسب " وذكره – أي صاحب الإنصاف – عن أحمد وصوَّبه. وهو ظاهر، لأن الحديث الوارد في إمامة قريش إنما هذا في الإمامة العظمى.

فإن قيل: ألا تقاس الإمامة الصغرى على الكبرى؟

فالجواب: أولاً إن هذا القياس المذكور يقتضي أن يقدموا على الأقرأ كما قدموا على الأفضل والأصلح ممن هو ليس من قريش.

ثم أيضاً: إنما كانت الإمامة في قريش لأنهم رأس العرب وبهم تجتمع الأمة وتقوى شوكتها وتتآلف، ويبعد أن تتآلف على غيرهم فلذلك وضعهم الله في هذا الموضع وليس هذا في الصلاة فهي محل للعبادة الدينية أما هناك فلأنها تقوم بها مصالح الدنيا والدين.

قال: (ثم الأقدم هجرة)

وهذا هو المشهور في المذاهب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015