والمسألة فيها تفصيل، وهو أن يقال: الأكثر يقدم إن كان مجوداً وتلاوته صحيحة، وإن كان غيره أرجح منه، أما إن كان غير مجيد للتلاوة وله لحن فإمامته مكروهة، كما اتفق العلماء على ذلك – والمقصود اللحن غير المحيل للمعنى – فحينئذ يقدم عليه الأجود وإن كان أكثر منه حفظاً.

إذن: الراجح هو التفصيل في هذا، أن يقال: إن الأكثر يقدم لكن ليس مطلقاً بل حيث كان مجوداً لتلاوته وإن لم يكن أجود من غيره لكن تلاوته صحيحة ليس فيها لحن وإن كان غيره أتقن تلاوة.

لكن إن كان في قراءته لحن فإنه يكون مرجوحاً على من كان أقل منه قراءة.

فالراجح التفصيل، ودليل ذلك قوله: (ليؤمكم أكثركم قرآناً) ولم يعلقه بالجودة مع اختلاف الناس فيها فإنه يحتمل أن يكون هناك من هو أقل منه قراءة وهو أجود، مع العلم أنه في العهد الذي كان فيه مثل عمرو بن سلمة حيث كانت اللغة العربية هي اللغة الدارجة عندهم لا يقال لوجود اللحن في القراءة – لقوله: (ليؤمكم أكثركم قرآناً) فكلهم مجيدون للتلاوة لأن القرآن نزل بلغتهم فحينئذ يكون التفاضل بالرجوع إلى الأكثر قرآناً.

قال: (ثم الأفقه)

لقوله - صلى الله عليه وسلم -: (فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة) أي بالفقه وهذا باتفاق العلماء بل جمهور العلماء على أن الأفقه يقدم على الأقرأ – خلافاً للمشهور عند الحنابلة من أنه يقدم عليه الأقرأ.

واستدل الجمهور: بأن أبا بكر كان يؤم الناس في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وكان منهم أبي بن كعب وقد قال فيه النبي - صلى الله عليه وسلم -: (وأقرؤهم لكتاب الله أبي) فكان أقرأ من أبي بكر ومع ذلك فقد قدم عليه أبا بكر في الإمامة.

والجواب على ذلك أن يقال: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما قدم أبا بكر توطئة لخلافته، لذا استدل الصحابة على أخصية أبي بكر بالخلافة بتقديم النبي - صلى الله عليه وسلم - له في الإمامة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015