وظاهر كلام الإمام أحمد واختار ذلك طائفة من أصحابه: أن الأقدم هجرة يقدم على الأسن والأشرف.

فيكون الترتيب: الأقرأ فالأفقه فالأقدم هجرة أو سلماً أي إسلاماً.

ودليل ذلك الحديث المتقدم فإن فيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سلماً، وفي رواية: سناً) ، فهنا قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - الأقدم هجرة على الأقدم سناً.

فإن قيل: فما الجواب على حديث مالك بن الحويرث؟

فالجواب: أنهم كانوا متقاربين في العلم والهجرة، فلذا كان من النبي - صلى الله عليه وسلم - أن أمرهم أن يتقدم أكبرهم، ففي أبي داود قال: (وكنا متقاربين في العلم) وكانت هجرتهم إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - في وقت واحد.

وهذا القول الراجح، وهو ظاهر كلام الإمام أحمد واختيار طائفة من أصحابه.

فالأقدم هجرة يقدم ثم بعد ذلك الأقدم سلماً، وهو يرجح على الأسن؛ لأن الأقدم سلماً أكبر سناً في الإسلام ولا شك أن من كان إسلامه سابق لغيره فهو أرجح في الأصل من غيره، إلا أن يكون هناك مرجح آخر من علم أو فقه أو غير ذلك. ثم بعد ذلك الأسن.

فعلى الراجح يكون الترتيب: الأقرأ ثم الأفقه ثم الأقدم هجرة ثم الأقدم سلماً ثم الأسن.

قال: (ثم الأتقى)

لقوله تعالى: {إن أكرمكم عند الله أتقاكم} ، ولا شك أنه عندما تستوي التي تقدم ذكرها من المرجحات وهي (القراءة والعلم والهجرة والسلم والسن) فإن الأتقى له مزية على غيره.

وقال بعض الحنابلة: الأتقى يقدم على الأشرف.

وهو أصح، ولكن مع ذلك تقدم ترجيح كلام شيخ الإسلام: من أن النسب ليس له محل في هذه المسألة أصلاً.

قال: (ثم من قرع)

أي في القرعة، فتوضع القرعة بينهم لدخول المسألة في القاعدة الشرعية وهي إذا استوى الناس بالاستحقاق لشيء ما ولم يكن ثمت طريق للجمع بينهم فإنه يسلك باب القرعة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015