فإن خولف ذلك فلا بأس لكن الأولى ذلك. يدل على ذلك ما ثبت في مسلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (إن كانوا ثلاثة فليؤمهم أحدهم وأحقهم بالإمامة أقرؤهم) .
فهذا يدل على أنه إن صلى أحدهم ممن يحسن القراءة أجزأ ذلك وصح، لكن أولاهم بذلك وأحقهم به هو الأقرأ.
قال: (الأقرأ العالم فقه صلاته)
الأقرأ هو الأولى بالإمامة للحديث المتقدم: (وأحقهم بالإمامة أقرؤهم) ، ولما ثبت في مسلم من حديث أبي مسعود الأنصاري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء، فأقدمهم سلماً " أي إسلاماً " وفي رواية " سناً " ولا يؤُمّنّ الرجل الرجل في سلطانه ولا يقعد على تكرمته إلا بإذنه) .
ففي هذا الحديث تقديم الأقرأ لكن بالشرط المتفق عليه بين أهل العلم – وهو ما ذكره المؤلف بقوله: (العالم فقه صلاته) أي الذي يعلم من الصلاة ما يحسنها بتمام شروطها وأركانها وواجباتها، فإن كان جاهلاً بأحكام الصلاة التي لا تصح ولا تقوم إلا بها فلا يقدم وإن كان هو الأقرأ.
وقول: (الأقرأ) قال في الشرح: (جودة) وهذا هو المشهور عند الحنابلة وغيرهم فهو مذهب الجمهور، وأن الأقرأ هو الأجود قراءة أي الذي يحسن القراءة فيخرجها من مخارجها الصحيحة وغير ذلك من شروط القراءة الشرعية الصحيحة.
والقول الثاني في مذهب أحمد والشافعي وهو خلاف المشهور في مذهبيهما: أن المراد الأكثر قراءة.
لحديث عمرو بن سلمة في البخاري قال: (جاء أبي من عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: جئتكم من عند النبي - صلى الله عليه وسلم - حقاً، فقال: إذا حضرت الصلاة فليؤذن أحدكم وليؤمكم أكثركم قرآناً) .
فهذا يدل على أن الأكثر قرآنا يقدم على الأجود الأقل حفظاً.