ولعل الصارف لهذا الحديث عن التحريم الذي هو ظاهر قوله: (لا تمنعوا) - فالصارف فيما يظهر: - أن المصلحة الدينية غير ثابتة، بل المصلحة الدينية تثبت لهن في صلاتهن في البيوت لقوله: (وبيوتهن خير لهن) فلو كان المصلحة دينية لهن لكان النهي للتحريم، لكن لما قال: (وبيوتهن خير لهن) كانت المصلحة لهن أن يصلين في بيوتهن كان المنع ليس محرماً بل مكروهاً، وإن كان ظاهر كلام الموفق ابن قدامة التحريم.

لكن الأظهر ما ذهب إليه الجمهور من كراهية ذلك؛ لأن المصلحة لهن أن يصلين في بيوتهن.

قال: (وبيتها خير لها)

وقد تقدم الحديث الثابت في مسند أحمد من حديث أبي حميد الساعدي.

وتقدم أنه يمنعها إن خشي ضرراً أو فتنة، قالت عائشة كما في مسلم: (لو أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى ما أحدث النساء " أي من الطيب والزينة في الذهاب إلى المسجد " لمنعهن المسجد كما منعت نساء بني إسرائيل) فإذا ثبتت الفتنة أو الضرر فإنها تنهى سداً للذريعة.

ومثل ذلك أنها تنهى أن تذهب منفردة كما ذكر ذلك الحنابلة؛ لأن انفرادها مظنة الفتنة.

أما إذا كانت غير منفردة أو في طرق ممتلئة بالذاهبين والآيبين فإنها ليست في حكم المنفردة، فرجع ذلك إلى أمن الطريق بإن كان آمناً لكثرة الذاهب والآيب ولا يخشى عليها فتنة. أما إذا كان انفرادها مظنة للفتنة فإنها تمنع.

إذن: المشهور في المذهب أنها تمنع إن كانت منفردة وظاهر ذلك مطلقاً.

والأظهر: ألا تمنع مطلقاً بل تمنع إن كانت منفردة وظنت الفتنة كأن تكون الطرق غير آمنة، فإن كانت الطرق آمنة فإنها لا تمنع.

والحمد لله رب العالمين.

فصل

قال المؤلف رحمه الله تعالى: (الأولى بالإمامة)

قال هنا: (الأولى) وفيه أن ما يذكره من الأحكام من تقديم الأقرأ فالأفقه في الإمامة أن ذلك سبيله سبيل الأولية لا سبيل الوجوب والفرضية، وهذا باتفاق العلماء.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015