فالنبي - عليه الصلاة والسلام - بدأ بعبد الله بن عمرو بالأسهل فالأسهل، إلى أن قال له: ((صم يوماً وأفطر يوماً، فذلك أفضل الصيام، وهو صيام داود -عليه السلام-))، الحديث، لا شك أن الإكثار من فعل الخيرات مطلوب، فالإكثار من الصيام مطلوب، الإكثار من الصدقة مطلوب، الإكثار من الجهاد، من الحج، من العمرة، من التلاوة من بذل الخير للناس، النفع العام والخاص، كل هذا مطلوب، وهذا هو الطريق الموصل إلى الجنة، لكن مثل ما ذكرنا، لو أن شخص عرف بشدة الحرص، شخص موسوس تقول له: تراك ما أسبغت الوضوء، نعم، هذا تفرح أنه ينتهي من الوضوء، نعم، لكن شخص متساهل تقول له: أسبغ الوضوء، أسبغ الوضوء، ومثله شخص لا يقرأ القرآن، إلا في المناسبات، أو على حسب التيسير إن جاء إلى المسجد قبل الأذان بخمس دقائق أو عشر دقائق وإلا فلا، تقول له: كان السلف يختمون كل يوم يا أخي، تحفز همته، وتشحذ همته للعمل الصالح، شخص ثري ولا يتصدق تقول له: أبو بكر جاء بجميع ماله، نعم، فتخبره بالعزائم، أما من كان حاله بضد ذلك، عرف بالحرص الشديد، ما في شك أنه بحاجة إلى من يمتص بعض هذا الحرص؛ لئلا يحمله ذلك الحرص على مخالفة السنة، ولذا بدأ النبي - عليه الصلاة والسلام - بعبد الله بن عمرو؛ لأنه عرف بالحرص الشديد، يعني تتصورن لو قال له النبي -عليه الصلاة والسلام- اقرأ القرآن في ثلاث، يكفيه هذا، مع ما عنده من زيادة الحرص؟ قال له: ((أقرأ القرآن في سبع ولا تزد)) قال: "إني أستطيع أكثر من ذلك"، ومع ذلك ما أخذ بهذه الوصية، فصار يقرأ القرآن في ثلاث فندم بعد ذلك، وتمنى أن لو قبل وصية النبي - عليه الصلاة والسلام-.
على كل حال صيام يوم وفطر يوم أفضل الصيام على الإطلاق، هذا بالنسبة لمن لا يعوقه الصيام عن النفع العام المتعدي، أما من عاقه صيامه عن الواجبات شخص إذا صام النفل أخل بالدوام الواجب، نقول: لا، لا تصوم يا أخي، نعم، شخص متبرع لتعليم الناس وإفتائهم وقضاء حوائجهم، وأجره على الله ما يأخذ أجر، ما أخل بواجب إذا صام، لكن يعوقه صيامه عن مثل هذا النفع المتعدي نقول له: ابذل الخير للناس، وأرشدهم ووجههم، والصيام إن وجدت فرصة وإلا فمثل هذا العمل المتعدي أفضل.