الرسول - عليه الصلاة والسلام- حث على العمرة في رمضان ولم يعتمر في رمضان، وحال الناس ما ترون، فكيف لو اعتمر النبي - عليه الصلاة والسلام - مع حثه على العمرة في رمضان؟ كان الوضع شديد جداً، قد لا يحتمل، الآن الزحام مثل ما ترون، وأسف النبي - عليه الصلاة والسلام - على دخول الكعبة؛ لئلا يحرج أمته، ولئلا يشق عليها وهذا من رحمته ورأفته - عليه الصلاة والسلام -، فهو يحث على العمل وقد يتركه شفقة بأمته، وأيضاً وضعه - عليه الصلاة والسلام - وهو الإمام الأعظم بالنسبة للأمة، والقائم بمصالحها، لو قدر أن شخصاً قائم على أعمال الأمة، والأمة كلها بحاجة إليه، وإذا صام ضعف عن القيام بهذه المهمة، هل الأفضل له أن يصوم أو يفطر؟ الأفضل له أن يفطر، علماً بأن الإمام أحمد - رحمه الله تعالى - رجح أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يصوم العشر وقد ثبت هذا عن بعض أزواجه - عليه الصلاة والسلام - في السنن، وأفضله أفضل صوم التطوع، صوم يوم وفطر يوم، لحديث عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما- قال: "لأصومن النهار ولا أفطر، ولأقومن الليل ولا أنام" فبلغ ذلك النبي -عليه الصلاة والسلام - فسأله: ((أنت الذي قلت كذا؟ )) قال: نعم، ((أنت الذي قلت كذا؟ )) قال: نعم، فقال له النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((صم كذا، صم كذا))، يعرض عليه النبي -عليه الصلاة والسلام- الأخف الأخف، كما عرض عليه بالنسبة للقرآن، ((اقرأ القرآن في شهر)) قال: إنه يطيق أكثر من ذلك، اقرأه في كذا، اقرأه في كذا، ثم قال: ((اقرأ القرآن في سبع، ولا تزد))، فمثل هذا يقال لمن عرف منه شدة الحرص؛ لئلا يبلغ به حرصه إلى مجاوزة السنة، بخلاف من عرف منه التساهل، فإنه يؤمر بالعزيمة قبل الرخصة، من عرف بالتساهل تعرض عليه الرخصة؟ لا، لا يعان على تساهله، لكن من عرف بشدة الحرص على فعل الخير تعرض عليه الرخص؛ لئلا يحمله زيادة الحرص على مجاوزة السنة.