الرابع: السعي؛ لحديث حبيبة بنت أبي تجرأة: ((اسعوا فإن الله كتب عليكم السعي)) رواه أحمد والشافعي والطبراني، وصححه ابن عبد البر في التمهيد، ويذكر الحافظ ابن حجر له طرق، إذا انضم بعضها إلى بعض قويت، وهذا قول جمهور العلماء أن السعي ركن من أركان الحج لا يصح إلا به.

عند أبي حنيفة هو واجب وليس بركن، إن ترك أربعة أشواط فأكثر فعليه دم، لماذا؟ لأن الحكم للغالب والأربعة هي الغالب، وإن ترك أقل من ذلك لزمه لكل شوط إطعام مسكين، إن ترك شوط واحد يطعم مسكين ترك شوطين يطعم مسكينين، ترك ثلاثة يطعم ثلاثة، ترك أربعة عليه دم، قال بعضهم: إنه سنة بدليل قوله تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ} [(158) سورة البقرة] ورفع الجناح "لا جناح عليه" هذا رفع للجناح وهو الإثم "أن يطوف" ورفع الإثم عن الفعل يدل على لزومه وإلا لا؟ يدل على الجواز، يجوز له أن يفعل، هذا ما استدل به من قال: إنه سنة، ولو لم يكن في المسألة إلا الآية، ولم يأتِ فهم عائشة التي مدحها به أهل العلم، فلا شك أن رفع الجناح ما يعني اللزوم، لكن سبب الورود، وسبب النزول يدل على أنه واجب، وأن رفع الجناح المراد به رفع الحرج، والقلق النفسي الذي وجده الصحابة في أنفسهم؛ لأنهم كانوا في الجاهلية، لا سيما الأنصار يهلون لمناة، فإذا أهلوا سعوا بين الصفا والمروة، فلما أسلموا تحرجوا من السعي بين الصفا والمروة، وحينئذٍ ارتفع الجناح، وارتفع الحرج والقلق الذي يجدونه، والراجح هو قول الجمهور؛ لحديث حبيبة؛ ولأن النبي -عليه الصلاة والسلام- سعى وقال: ((لتأخذوا عني مناسككم)) وقالت عائشة -رضي الله عنها-: "ما أتم الله حج من لم يطف بين الصفا والمروة" رواه مسلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015