يقول -رحمه الله تعالى-: "ويسقط بنسيان فدية لبس، وطيب، وتغطية رأس، دون وطء، وصيد وتقليم وحلاق" فاعل المحظور لا يخلو إما أن يكون معذوراً بنسيان أو جهل أو إكراه أو لا، بأن يكون متعمداً لفعل محظور، كما أن المحظورات لا تخلو إما أن تكون مما يعذر فاعله وتسقط فديته بالعذر أو لا، فغير المعذور تلزمه الفدية على ما تقدم، تجب عليه الفدية، وأما المعذور بالجهل والنسيان والإكراه وهو الذي أشار إليه المؤلف هنا، معذور يعذر بالنسيان ما ذكر مما لا إتلاف فيه على قوله، يقول الله -سبحانه وتعالى- في أخر سورة البقرة: {رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [(286) سورة البقرة] فقال الله -سبحانه وتعالى-: "قد فعلت" كما في صحيح مسلم، وحديث: ((إن الله تجاوز لأمتي الخطأ والنسيان)) ((عفي لأمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه)) والحديث بطرقه صحيح، هنا يقول: "دون وطء وصيد وتقليم وحلاق" فلا يعذر بما ذكر وإن كان ناسياً، وإن كان جاهلاً، وإن كان مكرهاً في الوطء والصيد وتقليم الأظفار والحلاق، فتجب الفدية مطلقاً؛ لأن ذلك إتلاف فاستوى عمده وسهوه كمال الآدمي.
هذا هو المشهور عند الحنابلة والشافعية إن كان من قبيل الإتلاف تجب فيه الفدية، إن ما كان من قبيل الإتلاف فإن الفدية تجب فيه، وما ليس فيه إتلاف فإنه لا فدية فيه، إلا أن الشافعية استثنوا الوطء فقالوا: لا فدية فيه، الوطء فيه إتلاف وإلا ما فيه؟
طالب: ما فيه.
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ما فيه، فيه إتلاف وإلا ما فيه؟ لا إتلاف مثل الحلق فيه إتلاف وإلا ما فيه؟
طالب: فيه إتلاف.
نعم؟
طالب: فيه إتلاف للشعر.
فيه إتلاف يعني لا يمكن ردة، تقليم الأظافر فيه إتلاف، لكن لبس المخيط يخلع، الطيب يغسل، نعم، تغطية الرأس يكشف، استثنوا الشافعية الوطء فلا فدية فيه؛ لأنه جارٍ على قاعدتهم لا إتلاف فيه، لكن الحنابلة قالوا: فيه الفدية، وإن كان جاهلاً أو ناسياً أو مكرهاً؛ لعظم ما جاء فيه عن الصحابة؛ لأنه أعظم المحظورات فشددوا فيه من هذه الحيثية، وإلا فالأصل على تقعيدهم وأنه لا إتلاف فيه أنه لا شيء فيه، مثل تغطية الرأس يكشف.