يقول الشنقيطي -رحمه الله تعالى-: "التحقيق أن صومها بعد الرجوع إلى أهله؛ لحديث ابن عمر الثابت في الصحيح، فما يروى عن مالك وأبي حنيفة والشافعي -يعني قول الشافعي وإلا المعروف عند الشافعي أنه لا يصومها إلا إذا رجع إلى أهله- فما يروى عن مالك وأبي حنفية والشافعي وغيرهم مما يخالف ذلك من الروايات لا ينبغي التعويل عليه، هذا كلام الشنقيطي لمخالفته الحديث الصحيح، ولفظه: ((فمن لم يجد هدياً فصيام ثلاثة أيام في الحج، وسبعة إذا رجع إلى أهله)) هذا لفظ مسلم في صحيحه، ولفظ البخاري: ((فليصم ثلاثة أيام في الحج، وسبعة إذا رجع إلى أهله)) فلفظة: ((إذا رجع إلى أهله)) في الصحيحين من حديث ابن عمر مرفوعاً إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، وهو تفسير منه لقوله تعالى: {وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ} [(196) سورة البقرة] وإذا ثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- في الصحيحين تفسير الرجوع في الآية بالرجوع إلى أهله، يقول الشيخ: "فلا وجه للعدول عنه" وفي صحيح البخاري من حديث ابن عباس بلفظ: ((وسبعة إذا رجعتم إلى أمصاركم)) وكل ذلك يدل على أن صوم السبعة بعد رجوعه إلى أهله لا في رجوعه إلى مكة، ولا في طريقه كما هو ظاهر النصوص التي ذكرنا، بل صريحها، والعدل على النص بلا دليل يجب الرجوع إليه لا يجوز، والعلم عند الله تعالى.
يقول الشيخ: "والأظهر عندي –الشنقيطي- والأظهر عندي أنه إن صام السبعة قبل يوم النحر لا يجزئه ذلك" إن صام السبعة قبل يوم النحر يعني إن صام العشر كلها قبل يوم النحر أنه لا يجزئه ذلك، فما قال اللخمي من المالكية من أنه يرى إجزاءها لا وجه له، والله أعلم، بل لو قال قائل بمقتضى النصوص وقال: لا تجزئ قبل رجوع إلى أهله لكان له وجه من النظر واضح؛ لأن من قدمها قبل الرجوع إلى أهله فقد خالف لفظ النبي -عليه الصلاة والسلام- الثابت في الصحيحين عن ابن عمر، وهو لفظ منه -صلى الله عليه وسلم- في معرض تفسير آية، والعدول عن لفظه الصريح المبين لمعنى القرآن لو قيل بأنه لا يجزئ فاعله لكان له وجه، والعلم عند الله تعالى.