خبر عائشة وابن عمر لا شك أنه خاص بمن لم يجد الهدي، وأما كون أيام التشريق أيام أكل وشرب فهذا لجميع الناس، ولم يذكر المؤلف صيام الثلاثة في أيام التشريق، بل ذكره في كتاب الصيام، تقدم الإشارة إليه في كتاب الصيام، قوله: وسبعة إذا رجع إلى أهله، كما تقدم ذكره في الآية، ذهب الجمهور إلى أن له أن يصومها بعد أيام منى، وفراغه من أفعال الحج، يعني كونه رجع إلى أهله لا يراد به حقيقة الرجوع إلى الأهل، وإنما يراد به الفراغ من أعمال الحج؛ لأنه إذا فرغ من أعمال الحج فهو في حكم الراجع، والصيام لا يختص به مكان دون مكان، الجمهور ذهبوا على أن له أن يصومها بعد أيام منى، وفراغه من أفعال الحج، وتأولوا الرجوع -بالرجوع من أعمال الحج، أي رجوعه إلى حاله قبل الإحرام من الإحلال، وأيضاً فالصوم لا يختص بمكان دون مكان في الشرع، وأيضاً فإن الحجاج إذا صدروا من منى فقد شرعوا في الرجوع إلى أهليهم، هذا قاله شيخ الإسلام في شرح العمدة.
وذهب الشافعية إلى أنه لا يصومها إلا إذا رجع إلى وطنه، وقالوا: إن هذا ظاهر القرآن، وهو أيضاً تفسير النبي -عليه الصلاة والسلام- للآية كما في حديث ابن عمر -رضي الله عنهما-: ((وسبعة إذا رجع إلى أهله)) نص في الموضع.