وعن أنس -رضي الله عنه- قال قيل: يا رسول الله ما السبيل؟ قال: ((الزاد والراحلة)) رواه الدارقطني، وصححه الحاكم، ورجح ابن حجر في البلوغ ارساله، لكن ذهب إلى هذا التفسير جماهير الأمة، فالزاد شرط مطلقاً، والراحلة لمن داره على مسافة لا يستطيع معها الوصول مشياً.

شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- في شرح العمدة لما سرد ما ورد في ذلك قال: فهذه الأحاديث مسندة من طرق حسان، ومرسلة وموقوفة، تدل على أن مناط الحكم الزاد والراحلة، مع علم النبي -عليه الصلاة والسلام- أن كثير من الناس يقدرون على المشي، وأيضاً فإن الله -سبحانه وتعالى- قال في الحج: {مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} [(97) سورة آل عمران] إما أن يعني القدرة المعتبرة في جميع العبادات وهو مطلق المكنة، مجرد ما يتمكن الإنسان أو قدر زائداً على ذلك، فإن كان المعتبر هو الأول لم يحتج إلى هذا التقييد، كما لم يحتج إليه في آية الصوم والصلاة، فعلم أن المعتبر قدر زائد في ذلك، وليس هو إلا المال {مَنِ اسْتَطَاعَ} [(97) سورة آل عمران] ما جاء في الصلاة من استطاع، في الصيام من استطاع؛ لأن الاستطاعة شرط معروف إذا كان مجرد قدرة الإنسان ومكنته من عمل العبادة، فالتنصيص عليها في الحج يعني الاستطاعة تعني أن الاستطاعة قدر زائد على مجرد التمكن من فعلها، يقول: وليس هو إلا المال، وأيضاً فإن الحج عبادة تفتقر إلى مسافة فافتقر وجوبها إلى ملك الزاد والراحلة كالجهاد، وذهب ابن الزبير وجماعة من التابعين إلى أن الاستطاعة هي الصحة لا غير، لقوله تعالى: {وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} [(197) سورة البقرة] فإنه فسر الزاد بالتقوى، وأجيب بأنه غير مراد من الآية كما يدل له سبب نزولها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015