إن أمكنه الركوب نعم.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسيلماً كثيراً.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"والقادر من أمكنه الركوب ووجد زاداً وراحلة صالحين لمثله بعد قضاء الواجبات والنفقات الشرعية والحوائج الأصلية".
يكفي.
سبق في كلام المؤلف اشتراط القدرة لوجوب الحج ولزومه، وتقدمت الإشارة إلى أن غير القادر لو تكلف وحج حال عجزه وفقره أنه يصح حجه ويجزئه، ويسقط به الفرض، وهنا يعرف المؤلف القادر وأنه من يمكنه الركوب، ولا شك أن إمكان الركوب معتبر، كما جاء في حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- حينما سألت الخثعمية رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالت: إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخاً كبيراً لا يثبت على الراحلة أفأحج عنه؟ قال: ((نعم)) فكونه لا يثبت على الرحلة يدل على أنه غير قادر، لا يمكنه الركوب، فإذا كان لا يمكنه الركوب فإنه حينئذٍ عاجز فلا يلزمه الحج بنفسه، إن كان مستطيعاً ولا يرجى برؤه فإنه يناب عنه، فدل على أن الثبات على الراحلة معتبر إذ لا يكلف الله نفساً إلا وسعها، ولا يلزم شده؛ لكي يثبت على الراحلة، وهذا لما كانت وسائل النقل الإبل والحمر والدواب، أما الآن بعد تغير الوسائل فالسيارات والطائرات يندر أن يوجد من لا يستطيع مواصلة السفر فيها، وإن كان الناس في أو الأمر أول مجيء السيارات بعضهم لا يطيق مواصلة السير فيها، كثير من الناس يصاب بغثيان، وبعضهم يصاب بدوخة وإغماء، فإذا وصل الأمر إلى هذا الحد فإنه يعذر؛ لأن الله -سبحانه وتعالى- لا يكلف نفساً إلا وسعها، بعد أن اعتادها الناس وألفوها يندر أن يوجد من يحصل منه شيء من ذلك.