في حديث آخر لـ أبي موسى الأشعري وهو في صحيح مسلم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إذا عطس أحدكم فحمد الله فشمتوه)، يعني: قولوا له: يرحمك الله (فإن لم يحمد الله فلا تشمتوه).
من الأدب أن الإنسان إذا عطس يقول: الحمد لله، فإذا قال ذلك استحق أن يقول له المؤمن: يرحمك الله، فيدعو له بذلك.
أيضاً ذكروا من الأدب في العطاس: أنك لا تعجل عليه، لا تعجل على العاطس إذا عطس، لعله يعطس مرة، ويعطس مرة ثانية، ويعطس مرة ثالثة، فبعض الناس عنده حساسية، إذا عطس يعطس مرتين أو ثلاثاً أو أربعاً، فأنت إذا بادرت بسرعة وقلت: يرحمك الله، فيه تعجيز، لكن اصبر حتى إذا سكت تقول له: يرحمك الله، فيجيبك: يهديكم الله ويصلح بالكم.
أيضاً من أدب العطاس: عدم رفع الصوت به.
كذلك من أدب العطاس: أنك تغطي فمك إما بثوبك أو بمنديل، حتى لا تؤذي الناس بعطاسك، وقد ذكروا أنه عند العطس يخرج الرذاذ من فم الإنسان وقد يصل إلى سبعة أمتار.
فالإنسان الذي يعطس قد يكون مريضاً فيقدر الله عز وجل أن يعدي غيره بذلك، فلا بد من الأخذ بالأسباب حتى لا تؤذي أحداً بالعطاس، وحتى لا ينتقل المرض منك إليه، ومثل ذلك نهانا النبي صلى الله عليه وسلم أن ننفخ في الإناء، حتى وإن كان ساخناً؛ لأن فيه إيذاء للناس الذين يشربون بعدك أو يأكلون.
يقول أنس: (عطس رجلان عند النبي صلى الله عليه وسلم فشمت أحدهما ولم يشمت الآخر)، واحد عطس فقال له: يرحمك الله، والثاني: لم يقل له: يرحمك الله، فهذا الثاني سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (عطس فلان فشَّمتَّه، وعطست فلم تشمتني؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: هذا حمد الله، وإنك لم تحمد الله).
فالتأديب للإنسان بالقول وبالفعل، فهنا الرجل عطس فقال: الحمد لله، فشمته النبي صلى الله عليه وسلم وقال: (يرحمك الله).
والآخر عطس ولم يقل: الحمد لله، فلم يقل له شيئاً صلوات الله وسلامه عليه، فهذا تأديب له، وبيَّن له النبي صلى الله عليه وسلم لماذا لم يشمته وقال: (هذا حمد الله، وإنك لم تحمد الله)، هذا حديث متفق عليه.