عن عياض بن حمار رضي الله عنه قال: (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أهل الجنة ثلاثة: ذو سلطان مقسط موفق)، ليس المعنى أن هؤلاء فقط أهل الجنة، ولكن من أهل الجنة هؤلاء الثلاثة، أو أن هؤلاء من السابقين إلى الجنة الذين يستحقونها (ذو سلطان مقسط موفق) أي: حاكم مقسط يحكم بين الناس بالعدل، وهذا توفيق من الله سبحانه تبارك وتعالى، فالإنسان لا ينسى فضل الله عز وجل عليه أنه هو الذي يلهمه الصواب ويوفقه للحكم بالعدل بين الناس، قال: (ورجل رحيم رقيق القلب لكل ذي قربى ومسلم)، قد يكون الإنسان رحيماً ورقيق القلب على أولاده فقط، وعلى بقية الناس يكون قاسي القلب متحجراً، لكن هذا قلبه رحيم بالناس جميعاً إلا أن يكون مع الكفار, فالله عز وجل ذكر من صفات المؤمنين: {أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ} [المائدة:54]، ففيهم الرحمة للمؤمنين، وفيهم القوة على الكافرين، فمن أهل الجنة من فيه رحمة وهو رقيق القلب يعني: قلبه يتأثر بسرعة، يرى إنساناً مسكيناً ضعيفاً محتاجاً فيتأثر سريعاً ويقوم لخدمته أو لإعطائه، فقلبه رقيق عكس صحاب القلب الصلب الجامد.
قال: (لكل ذي قربى ومسلم) فبدأ بالأقربين؛ لأنه يبعد جداً أن تكون رقيق القلب بالأبعدين وأنت قاسي القلب على الأقربين، فلا يوجد إنسان يشتم أباه وأمه ويكون رحيماً رقيقاً مع الجيران ومع الغرباء، هذا بعيد، والمؤمن رقيق ورحيم مع الجميع، فإنه (رجل رحيم رقيق القلب لكل ذي قربى ومسلم).
قال: (وعفيف متعفف ذو عيال)، إنسان عفيف لا يأخذ أموال الناس، ولا يمد يده إلى الناس، متعفف، ويستشعر في نفسه الغنى وإن كان فقيراً، وإن كانت حاجته كبيرة ولكن في قلبه الغنى، ربى نفسه على العفة، وعدم التطلع إلى الغير، فهو ليس محتاجاً إلى أحد، فإن الغنى غنى القلب، أغنى الله قلبه فهو متعفف، أي: مظهر لهذا الوصف من نفسه، فهو متعفف لا ينظر إلى مال أحد أبداً، ولا يطلب مال أحد.
نسأل الله عز وجل أن يجعلنا من أهل الجنة، وأن يظلنا في ظله يوم لا ظل إلا ظله.
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم، وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.