عن عوف بن مالك رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم، وتصلون عليهم ويصلون عليكم، وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم، وتلعنوهم ويلعنوكم) أي: خيار حكامكم، فأفضل الحكام الذين يحبهم الشعب ويدعو لهم، (خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم)، فهنا المحبة متبادلة، فهم يحبون الناس، والله عز وجل يجعل الناس يحبونهم، وإذا كانوا يبغضونهم فالله يجعل البغضاء في قلوب الناس فيبغضونهم.
قال: (وتصلون عليهم ويصلون عليكم) أي: تدعون لهم ويدعون لكم، وهذا سواء كان حاكماً كبيراً أو حاكماً صغيراً، الحاكم الذي يحكم الناس فيعدل يحبه الناس، والذي يحكم ولا يعدل يبغضه الناس، فالخيار في الدنيا هم الذين يعدلون فيحبهم الناس ويحبون الناس.
(وتصلون عليهم) أي: تدعون لهم بالرحمة، (ويصلون عليكم أي: يدعون لكم، فهؤلاء خيار أئمتكم).
وشرار الحكام هم الذين تبغضونهم ويبغضونكم، فالناس يكرهونهم يكرهون الناس (وتلعنونهم ويلعنونكم) أي: تدعون عليهم ويدعون عليكم.
قال: (قلنا: يا رسول الله! أفلا ننابذهم؟)، إذا كان الحكام بهذه الصورة يبغضوننا ونبغضهم ويلعنوننا ونلعنهم، فلماذا نتركهم؟ قال: (لا، ما أقاموا فيكم الصلاة) أي: إذا كانوا يقيمون الصلاة فلا تنابذوهم بالسيف، وكأن مصلحة وجودهم فوق المفسدة التي ينبني عليها ظلمهم، فيحصل اختلاف بين المسلمين، وقد يكون المسلمون أقوى وقد يكونون ضعفاء، فعندما يتحاربون معهم يسقط القتلى من المسلمين ويضيق على باقي المسلمين، ولم يكسبوا شيئاً، فإذا صبروا على أمر الله سبحانه كان لهم الأجر من الله، وخمدت الفتنة قال، ولهذا: (لا، ما أقاموا فيكم الصلاة)، وفي حديث آخر قال: (ما صلوا).