ومن الأبواب التي ذكرها النووي رحمه الله: [باب كراهة تمني الموت بسبب ضر نزل به، ولا بأس به لخوف الفتنة في الدين، وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا يتمن أحدكم الموت؛ إما محسناً فلعله يزداد، وإما مسيئاً فلعله يستعتب).
وفي الحديث الآخر: (لا يتمنين أحدكم الموت لضر أصابه، فإن كان لا بد فاعلاً فليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيراً لي وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لي)].
فهنا ينهى النبي صلى الله عليه وسلم عن تمني الموت مهما جاء على الإنسان من أشياء تضايقه، فلعله يدعو على نفسه بالموت فيستجيب الله عز وجل له فيموت، وهذا المتمني إما هو محسن وإما مسيء، فإن كان محسناً فطول العمر أفضل في الإحسان، ولذلك جاء في الحديث الآخر: (خيركم من طال عمره وحسن عمله)، فإذا كان الإنسان مصلياً صائماً عابداً لله سبحانه آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر، فطول العمر له فيه ثواب عظيم ودرجات عالية.
فعلى ذلك لا يتمنى المرء الموت؛ لأن ربه أعلم بما يصلح له، قال: (إما محسناً فلعله يزداد، وإما مسيئاً فلعله يستعتب) يعني: يطلب من الله سبحانه وتعالى أن يقبل منه عذره وأن يتوب عليه، ولعل الله يعتبه.
وفي الحديث الآخر: (لا يتمن أحدكم الموت ولا يدع به من قبل أن يأتيه، إنه إذا مات انقطع عمله، وإنه لا يزيد المؤمن عمره إلا خيراً).
كلما ازداد عمر المؤمن ازداد خيراً بالأعمال الصالحة، يكفي أنه يصلي، ويقرأ القرآن، ويواظب على حضور الجمعة والجماعات، ويصوم رمضان، فيكتب له بذلك حسنات عظيمة، فلا معنى لأن يتمنى لنفسه الموت.
وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يتمنين أحدكم الموت لضر أصابه).
كأن الغالب أن الذي يدعو على نفسه بالموت حصل له مصيبة، كأن يكون ذهب إلى الامتحان وكانت نتيجته سيئة فقام يدعو على نفسه بالموت، أو كان يطلب شيئاً معيناً فضاع منه هذا الشيء فضاق صدره فقام يطلب الموت، فإذا كان على هذه الحال ضيق الصدر فإنه لا يدري فلعله ساخط على ربه فيموت على ذلك فيلقى ربه وهو ساخط عليه.
(لا يتمنين أحدكم الموت لضر أصابه فإن كان لا بد فاعلاً)، يعني: إذا ضاق به الحال ويريد أن يدعو فليدع بهذا الدعاء: (اللهم أحيني ما كانت الحياة خيراً لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لي).
فتكون بذلك قد أرجعت الأمر إلى ما يشاؤه ربك سبحانه وما يراه الأنفع لك إما الموت العاجل، وإما أن يؤخر لك في العمر.