وفي الصحيحين أيضاً عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: (إني لأول العرب رمى بسهم في سبيل الله) هذا سعد بن أبي وقاص هو سعد بن مالك رضي الله عنه من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ومن أوائل من دخل في هذا الدين رضي الله تبارك وتعالى عنه.
يقول: (إني لأول العرب رمى بسهم في سبيل الله، وكنا نغزو مع النبي صلى الله عليه وسلم) فأول سرية أرسلها النبي صلى الله عليه وسلم بعد هجرته كانت السرية التي فيها سعد رضي الله عنه، وكان القائد عليها عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب رضي الله عنه في ستين راكباً، أرسلهم النبي صلى الله عليه وسلم في مهمة.
يقول في رواية (بعث ناساً من المسلمين إلى رابغ ليلقوا عيراً لقريش فتراموا بالسهام) هذا قبل غزوة بدر، فتراموا بالسهام، فأول سهم رمي كان من سعد رضي الله تبارك وتعالى عنه، ولم يكن بينهم مسايفة، كان بينهم تراشق بالرماح من بعيد، ولم يكن بينهم اقتتال ومسايفة، فـ سعد رضي الله عنه ذكر أنه أول من رمى بسهم في سبيل الله وقال شعراً في يومها، قال: ألا هل أتى رسول الله أني حميت صحابتي بصدور نبلي فكان أول من رمى بالنبل في سبيل الله رضي الله تبارك وتعالى عنه.
يقول سعد (وكنا نغزو مع النبي صلى الله عليه وسلم ما لنا طعام إلا ورق الشجر، حتى إن أحدنا ليضع كما يضع البعير أو الشاة ماله خلط) هذا لفظ رواية البخاري، يعني: طعامهم في هذه الغزوات ورق الشجر، ومن يطيق أن يأكل أوراق الشجر؟ فهؤلاء رضي الله عنهم أكلوا ذلك، واستمروا على ذلك فترة، حتى إن أحدهم ليضع كما يضع البعير أو الشاة ماله خلط.
وانظر إلى بعر البعير وزبل الشاة، فهؤلاء من أكلهم ورق الشجر لم يكن لهم غائط كغائط غيرهم من الناس المنعمين المرفهين، بل ينزل منهم مثل بعر الغنم، ما له خلط، أي: ليس فيه ماء، بل شيء جاف ينزل منهم.