عن كعب بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما ذئبان جائعان أرسلا في غنم بأفسد لها من حرص المرء على المال والشرف لدينه).
وهنا شبه جملة بجملة، وليس مفرداً بمفرد، والناتج من هذه الجملة ما هو؟ قوله: (ذئبان جائعان) أي: يتضوران جوعاً، فإذا دخل هذان الذئبان الجائعان على قطيع من الغنم فماذا تكون النتيجة؟ لا شك أنه فساد عظيم جداً، فهو ذئب جائع وليس شبعان، وليس ذئباً واحداً، بل هما اثنان، ولو كان ذئباً واحداً فقد تهرب الغنم شمالاً ويميناً، أما الذئبان فإن الغنم ستحتار بين الاثنين، والغنم لا طاقة لها بالذئبين، فتكون النتيجة فساداً شديداً في الغنم.
فالإنسان عندما يحرص على المال، وعلى المنصب والرئاسة فإن النتيجة من وراء ذلك الفساد الشديد، يريد المرء أن يكون عنده مال كثير، ويريد أن يكون أشرف الناس وأعلى الناس، ليظفر بهذا الحرص على المال والشرف، وسيعمل أي شيء على أنه يرضي الناس لأجل المنصب الذي يريده، فيصل إلى المنصب بالخيانة والغش والغدر والخداع، وحتى يصل إلى المال ويتعامل مع الناس بالحرام، وأكل السحت والرشوة، وفي النهاية يقع في الربا صراحة، فهو في فساد من ناحية طلب المال، وفي فساد من ناحية طلب الشرف.
فالفساد الذي في المال وفي حرص الإنسان على تحصيله، وحرصه على تحصيل الشرف، أعظم بكثير من إفساد الذئبين في الغنم، فكأنه يريك نتيجة هذا الفساد العظيم، ولكن الفساد في هذه الثانية أعظم بكثير من الأولى: (ما ذئبان جائعان أرسلا في غنم بأفسد لهما من حرص المرء على المال والشرف لدينه) يعني: أفسد لدينه من إفساد الذئبين الجائعين لهذه الغنم.