قال عمرو فقلت: (يا نبي الله! فالوضوء حدثني عنه؟ قال صلى الله عليه وسلم: ما منكم رجل يقرب وضوءه فيتمضمض ويستنشق فينتثر إلا خرت خطايا وجهه وفيه وخياشيمه).
هذا هو المقصد من هذا الحديث: أن الإنسان عندما يتوضأ تتساقط الذنوب مع آخر قطر الماء، فعندما يغسل وجهه فإن ذنوب الفم والأنف والوجه والعينين تنزل كلها مع الماء.
(فقال: ما منكم رجل يقرب وضوءه -ماء الوضوء- فيتمضمض ويستنشق فينتثر إلا خرت خطايا وجهه وفيه وخياشيمه -أنفه-، ثم إذا غسل وجهه كما أمره الله إلا خرت خطايا وجهه من أطراف لحيته مع الماء، ثم يغسل يديه إلى المرفقين إلا خرت خطايا يديه من أنامله مع الماء، ثم يمسح رأسه إلا خرت خطايا رأسه من أطراف شعره مع الماء، ثم يغسل قدميه إلى الكعبين إلا خرت خطايا رجليه من أنامله مع الماء، فإذا هو قام يصلي، فحمد الله تعالى وأثنى عليه، ومجده بالذي هو له أهل، وفرغ قلبه لله تعالى إلا انصرف من خطيئته كهيئته يوم ولدته أمه).
فهذا حديث عظيم جداً في فضل الله سبحانه تبارك وتعالى على العبيد، في صلاتهم، ووضوئهم، فهذا الوضوء يفعل ذلك.
ثم انظر إلى الصلاة التي تنفع الإنسان! قال صلى الله عليه وسلم: (فإن قام فصلى، فحمد الله تعالى) يعني: قرأ بفاتحة الكتاب، وعرفنا في الحديث الآخر أن الله سبحانه تبارك وتعالى يقول: (قسمت الصلاة بيني وبين عبدي قسمين، ولعبدي ما سأل، فإذا قال العبد: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة:2]، قال الله تعالى حمدني عبدي، وإذا قال: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة:3] قال: أثنى علي عبدي، فإذا قال: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} [الفاتحة:4]، قال: مجدني عبدي، فإذا قال: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة:5] قال: هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل، فإذا قال: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} [الفاتحة:6] إلى آخر الفاتحة قال: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل).
فهنا يحمد الله سبحانه تبارك وتعالى، ويثني عليه، ويمجده بالذي هو له أهل، وهذا كله في فاتحة الكتاب إذا قرأها.