وفي المتفق عليه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك).
كأنه يقول لنا صلى الله عليه وسلم: المرأة يخطبها الخطاب ويتزوجها الرجال لواحدة من هذه، أو لجميعها، فإن كان للجميع فحسن وخير، ولكن إذا كنت تخير بين هذه الأشياء فابحث أول ما تبحث عن الدين، لأنه قد يضيع المال وتبقى المرأة على ما هي عليه من خلق وضيع غير طيب، وقد تكون شحيحة وممسكة لهذا المال، ولا تقدر أبداً أن تنتفع أنت من مالها بشيء.
ولحسبها: بأن يكون أهلها لهم شرف، فتضايق الإنسان وتذله بأهلها، ولا يقدر أن يقيمها ولا يقومها.
ولجمالها: ولعلها تذله بجمالها.
ولدينها: (فاظفر بذات الدين تربت يداك)، يعني إما أن تختار ذلك وإما أن تستحق أن يدعو عليك بأن تترب يداك، أي تلتصق بالتراب، بدل أن يكون في يدك مال دعا عليك بالفقر، وهذا الذي يبحث عن المال ويبحث عن الجمال وينسى دين الله عز وجل.
والغرض منه بيان أن الإنسان مع زوجته وهي صاحبته، في حياته إلى أن يموت أحدهما أو يتفارقا، فإذا كانت امرأة طيبة، سترجو من ورائها الخير في بيتك ومعك ومع أولادك، وستنال منها كل الخير، والإنسان يعتاد على المرأة التي معه، فإن كانت جميلة فسيعتاد على رؤيتها ويصبح عنده أمراً عادياً، وإن كان لها مال فلعلها تعينه بمالها ولعلها لا تعينه، إنما الخلق هو الذي يبقى؛ لأن خلقها يتجدد في كل يوم، إما موعظة جميلة، أو نصيحة حسنة، أو دعوة لهذا الإنسان، أو معاونة على أمر من الأمور، فكلها خير فيظهر منها الخلق الحسن والدين الحسن مع زوجها، فإذا غاب عن البيت اطمأن لبيته، فحياته في استقرار، وفي طمأنينة لكون امرأته حسنة الخلق صالحة ترضي ربها سبحانه، وتحسن إلى زوجها، وهذا لا يتوفر إلا في المرأة ذات الدين، فاظفر بها كما قال النبي صلوات الله وسلامه عليه.