بدأ الإمام النووي رحمه الله الباب بقول الله عز وجل: {إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} [العنكبوت:45]، وهذا فضل عظيم للصلاة.
قال الله عز وجل: {وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ} [العنكبوت:45]، فلو لم يكن في فضل الصلاة إلا أنها تهذب العبد وتؤدبه، وتنهاه عن الفحشاء والمنكر لكفى ذلك فضيلة، كيف والله عز وجل يمحو بها الذنوب، ويكفر عن العبد بها الخطايا، ويرفع الدرجات، ويجعل صلاة العبد نوراً في الدنيا والآخرة! إن الصلاة ركن عظيم من أركان هذا الدين، وهي عموده العظيم، وصلة بين العبد وبين ربه لا بد من المحافظة عليها.
ولذلك يقول ربنا سبحانه: {إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} [العنكبوت:45]، فالذي يصلي صلاة صحيحة مستوفاة بالأركان والشروط والهيئات والسنن، ومستوفاة بالأقوال والأفعال كما يريد الله عز وجل، تكون هذه الصلاة مانعاً له عن الوقوع في الفواحش، وعصمة له من الوقوع في المنكرات.
قال تعالى: (وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ)، أي: أن ذكر الله من اعتاده في الصلاة وفي غير الصلاة يكون أكبر في النهي عن المنكر من اعتياده في الصلاة فقط.
والإنسان الذي يذكر الله عز وجل إذا خرج من المسجد يقول أذكار الخروج من المسجد، وإذا ذهب إلى السوق يقول أذكار الذهاب للسوق، وإذا دخل البيت قرأ ذكر دخول البيت، وإذا نام قرأ أذكار النوم، وإذا أكل أتى بأذكار الطعام، وإذا شرب كذلك، فالذكر على لسانه لا يفارقه، ومثل هذا يمنعه من الوقوع في الفحشاء والمنكر، وهذا أكبر من أن يذكر الله في صلاته فقط، ويستحيل أن يكون الإنسان مواظباً على الذكر ومقصراً في الصلاة، فقد يحافظ على الصلاة ويقصر في الذكر، وذلك أنه ينشغل فيأتي وقت الصلاة فيذهب ليصلي، ثم ينشغل بأمر دنياه، لكن المحافظ على الذكر في الليل والنهار يستحيل أن ينسى أو يضيع الصلاة.