قال: (ومن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة)، والستر: أن تستر إنساناً وقع في ذنب من الذنوب وستر نفسه، واطلعت عليه فسترته وكأنك لا تعلم، وكذلك إذا وجدت إنساناً عارياً يحتاج إلى ثياب، أو أهله يحتاجون إلى ثياب فكسوتهم من أجل أن يستتروا وأن يتجملوا أمام الناس فهذا خير صنعته، والله عز وجل يجزيك عليه.
فإذا سترت مسلماً بأي نوع من أنواع الستر وهو يستحق ذلك، فإن الله يسترك في الدنيا وفي الآخرة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (كل بني آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون)، فكل إنسان يخطئ فإذا أخطأ إنسان وسترته فلعلك أنت أن تخطئ ويسترك الله سبحانه وتعالى، وهذا الذي اطلعت عليه قد علم الله عز وجل ما فعله، ولكنه أراد أن يختبرك، ولو شاء لستره عنك فلم تره، فحين ترى مثل هذا فلا ينبغي أن تفقد الثقة فيه وفي الناس كلهم وتقول: انظروا إلى هذا الذي كنا نقول عنه كذا وكذا! لماذا تفضحه؟ لا تفضح إلا من يستحق ذلك ممن يجهر بالمعصية، أو لا يبالي ولا يستحي من الخلق، فهذا يستحق أن يفضح، حتى لا يأتسي به الناس، وحتى يكون ذلك تعزيراً له من أجل أن يخاف ويسكت، أما من وجدته يستر على نفسه، ويستحي مما صنعه، فما الذي تكسبه إذا فضحته؟ ولماذا تقول: فلان الذي ترونه صالحاً يعمل كذا وكذا، لماذا تفعل هذا الشيء؟ إن الله عز وجل أطلعك على ما صنع ليكون اختباراً لك هل تستر أم لا؟ ولعلك غداً أن تقع في شيء آخر، ومن يدري فمصائب الدنيا كثيرة، فإذا فضحت هذا عند واحد أو اثنين، فضحك الله عند مائة وعند ألف، فاحذر فإن الجزاء من جنس العمل، ومصائب الدنيا دوارة فقد يأتي الدور عليك في يوم من الأيام، وكما فضحت هذا سوف تفضح بأشنع مما فضحته به، فلا تتبع سقطات الناس، ولا عثراتهم، ولا تشمت بإنسان وقع في ذنب من الذنوب واستر لعل الله عز وجل أن يتجاوز عنك، وأن يسترنا وإياك.