قال المصنف رحمه الله: [السبب السابع: اعتقاد أن لا دلالة في الحديث، والفرق بين هذا وبين الذي قبله: أن الأول لم يعرف جهة الدلالة، والثاني عرف جهة الدلالة لكن اعتقد أنها ليست صحيحة، بأن يكون له من الأصول ما يرد تلك الدلالة، سواء كانت في نفس الأمر صواباً أو خطأً].
أي أنه لا يرى أن دلالة الحديث دلالة صحيحة، وأحياناً قد يتنازع الفقهاء في حديث، كصلاة ابن عباس رضي الله عنه إلى جنب النبي صلى الله عليه وسلم عن يساره، قال: (فأخذني فأدارني عن يمينه)، فهل هذا يدل على أن المصافة إذا كان المأموم فرداً لازمة عن يمين الإمام، أم أنه يدل على أنها سنة؟
هنا الدلالة متنازع فيها بين الفقهاء، فالحنابلة يرون أنها لازمة، قالوا: لأن النبي صلى الله عليه وسلم أداره، فأحدث ذلك حركة في الصلاة للنبي صلى الله عليه وسلم وحركةً لـ ابن عباس، ونحو ذلك مما يدل على اللزوم، ولو كان هذا من باب المستحب لتركه حتى ينصرف من صلاته ثم يبين له ذلك الأمر، والجمهور يرون أن الحديث لا يدل على اللزوم، قالوا: لأنه لو كان يدل على اللزوم والصحة لما صح تكبير ابن عباس للإحرام؛ لأن ابن عباس كبر تكبيرة الإحرام وهو عن يسار النبي صلى الله عليه وسلم.
فأحياناً قد يكون الحديث واحداً ولكن هذا يأخذه من منزع، وهذا يأخذه من منزع آخر.