ثم قال بعد ذلك: "ولا أعلم شيئاً بعد القرآن ألزم للناس أن يتعلموه من هذا الكتاب" يريد أن يجعل كتابه مع القرآن الكريم فيهما كفاية، وتعلم كتابه بعد القرآن لازم لطلاب العلم، ولذا قال: "ولا أعلم شيئاً بعد القرآن ألزم للناس أن يتعلموه من هذا الكتاب، ولا يضر رجلاً أن لا يكتب من العلم بعدما يكتب من هذه الكتب" يعني الكتب التي تشتمل عليها سننه، كتاب الطهارة، كتاب الصلاة، كتاب الزكاة، كتاب الجهاد، كتاب الطلاق، كتاب السنة، كتاب الأدب إلى جميع أبواب سنن أبي داود، يقول: "ولا يضر رجلاً أن لا يكتب من العلم بعدماً يكتب شيئاً من هذه الكتب" من هذه الكتب يعني الكتب التي اشتمل عليها السنن، وأنتم تعرفون أن كتب أهل العلم الكتاب الواحد مبني على كتب، والكتب مبنية على أبواب، والأبواب قد تكون مبنية على فصول، المقصود أن الكتاب يشتمل على كتب، من يكتب هذه الكتب لا يضره ما فاته من العلم؛ لأنه على حد زعم مؤلفه؛ لأن هذا الكتاب جمع فأوعى، ولا حاجة للناس بغيره، ولكن هذا الكلام إنما يراد به الإغراء، إغراء طلاب العلم من أجل الاهتمام بهذا الكتاب، ولم ترد حقيقته، لم ترد حقيقة هذا الكلام؛ لأن الصحيحين أولى من سنن أبي داود، فالذي يكتب الصحيحين مع القرآن، ويقتصر عليهما له وجه، لا سيما إذا كان لا يستطيع الاستيعاب، ومن كتب المصحف وكتب البخاري، وأراد أن يكتفي اكتفى، لكن لا يسمى عالماً محيطاً بجميع أبواب الدين، ولا يمكن أن يتفقه الفقه التام الذي جاء مدحه في حديث معاوية وغيره حتى يعرف جميع أبواب الدين، وفي بعض الكتب من أبواب الدين ما لا يوجد في بعض.

"ولا يضر رجلاً أن لا يكتب من العلم بعد ما يكتب هذه الكتب شيئاً، وإذا نظر فيه وتدبره وتفهمه حينئذٍ يعلم مقداره" لا شك أن الكتاب في غاية الجودة، وفي غاية الاستيعاب المناسب لطالب العلم بالنسبة لأحاديث الأحكام، حتى قال بعضهم: إنه يكفي طالب العلم بالنسبة لأحاديث الأحكام سنن أبي داود.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015