قال: "وهو كتاب لا ترد عليك سنة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بإسناد صالح إلا وهي فيه، إلا أن يكون كلام استخرج من الحديث ولا يكاد يكون هذا" ومعناه أن كتابه استوعب ما ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وما هذا الكلام؟ إما أن يقال: إنه على حد ظنه ووهمه، وإلا فقد ثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- من الأحاديث الصحيحة بالأسانيد الصالحة ما لم يوجد في كتاب أبي داود، فيكون هذا على حد فهمه، وعلى حسب اطلاعه، مع أنه اطلع على كتب الأئمة السابقين، وأوصى ببعضها على ما سيأتي، وإذا نظرنا إلى واقع الكتب وجدنا في البخاري أحاديث كثيرة ليست في سنن أبي داود، وفي مسلم أحاديث كذلك ليست في سنن أبي داود، وفي مسند أحمد مما يصح مما ليس في سنن أبي داود وهكذا، ويصفو من الصحيح بالأسانيد الصالحة مما ليس في هذه السنن من كتب الأئمة الشيء الكثير.
"إلا أن يكون كلام استخرج من الحديث ولا يكاد يكون" يعني قد يكون حديث يستنبط منه حكم، ولا يوجد في كتابي، لكن يوجد في كتابي ما يغني عنه، ولو على سبيل الإشارة والاستخراج والاستنباط.