لكن هل وفَّى الإمام أبو داود بجمع ذلك، الناظر في كتابه يجد أنه يبين أحياناً ويترك أحياناً، فيه أحاديث ضعفها شديد ما تكلم عليها أبو داود، ولذا قال أهل العلم: إن الكلام أعم من أن يكون في الكتاب نفسه، بل قد يكون في الكتاب، ويكون فيما سئل عنه من قبل الآجري أو غيره، وقد يكون البيان في بيان حال راويه الذي يُنقل عن أبي داود في كتب الرجال، أبو داود له أقوال في الرجال، فإذا بين حال راو فكأنه بين حال المروي، وهذا كله التماس لأبي داود، وإلا فالأصل أنه يحاسب على هذه الكلمة، ويلزمه البيان في كل ما وهنه شديد، لكن قد تتنازع وجهات النظر في هذه الشدة، فقد تعتبره شديداً، ويعتبره أبو داود ليس بشديد، فلا يلزم ببيانه، فيكون جملة من الأحاديث بهذه المثابة لا يلزم أبو داود بيانها، وإن لزم على حد زعمك لكونك ترى أنه شديد، وأبو داود ينازع في ذلك، لكن هل يلزم من هذا الكلام، أو من هذا الالتزام من أبي داود أن نحكم على الأحاديث التي لم يبين أبو داود ضعفها أن ضعفها غير شديد؟ فنحتاج إليها في التقوية، من خلال هذا الكلام العام، أو نقول: ننظر في أسانيدها بغض النظر هل تكلم أو لم يتكلم؟ يعني هل الحكم في هذه الأحاديث كلام أبي داود فيما تكلم فيه، أو فيما تركه، وقعد ذلك بمفهوم عبارته: أن ما لم يتكلم فيه أن ضعفه ليس بشديد؟ فنحتاج إلى مثل هذه الأحاديث في التقوية، وأما ما كان ضعفه شديداً فلا يستفاد منه؟ أو نقول: سواء بين أو ما بين مثل أحكام الترمذي، المتأهل عليه أن يدرس، وينظر في واقع هذه الأحاديث، ويجمع طرقها، ويوازن بينها، ويتكلم في رجالها، ثم بعد ذلك يخرج بالنتيجة المناسبة حسب القواعد المقررة عند أهل العلم، وبعد النظر في أقوال أهل العلم وأحكامهم؛ فالذي يريد تقليد أبي داود ويحاسب أبا داود على كلامه، يقول: إن البيان حصل فيما ضعفه شديد، إذاً الذي لم يبينه أبو داود إذاً ضعفه ليس بشديد، ولو كان شديداً لبينه، وحينئذٍ نقلده في هذا، ونقول: الضعف ليس بشديد، ونقويه ونقوي به، لكن المتعين على طالب العلم المتأهل أن ينظر في الأسانيد، سواء بين أو لم يبين، قال: صالح ويش معنى صالح؟ على ما سيأتي، هذا كله في حق من أراد من أن