ولا أعلم شيئاً بعد القرآن ألزم للناس أن يتعلموه من هذا الكتاب، ولا يضر رجلاً أن لا يكتب من العلم بعد ما يكتب هذه الكتب شيئاً، وإذا نظر فيه وتدبره وتفهمه حينئذٍ يعلم مقداره، وأما هذه المسائل مسائل الثوري ومالك والشافعي فهذه الأحاديث أصولها، ويعجبني أن يكتب الرجل مع هذه الكتب من رأي أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-، ويكتب أيضاً مثل جامع سفيان، وإنه أحسن ما وضع للناس من الجوامع، والأحاديث التي وضعتها في كتابي السنن أكثرها مشاهير، وهي عند كل من كتب شيئاً من الحديث إلا أن تمييزها لا يقدر عليه كل الناس، والفخر بها أنها مشاهير، فإنه لا يحتج بحديث غريب ولو كان من رواية مالك ويحيى بن سعيد، والثقات من أئمة العلم، ولو احتج رجل بحديث غريب وجدت من يطعن فيه، ولا يحتج بالحديث الذي قد احتج به إذا كان الحديث غريباً شاذاً، فأما الحديث المشهور المتصل الصحيح فليس يقدر أن يرده عليك أحد، وقال إبراهيم النخعي: كانوا يكرهون الغريب من الحديث، وقال يزيد بن أبي حبيب: إذا سمعت الحديث فانشده كما تنشد الضالة، فإن عرف وإلا فدعه، وإن من الأحاديث في كتاب السنن ما ليس بالمتصل، وهو مرسل ....

نقف على هذا.

أحسن الله إليك.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده رسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه، أما بعد: فيقول الإمام أبو داود -رحمه الله تعالى-:

"وما كان في كتابي من حديث فيه وهن شديد فقد بينته" التزم البيان -رحمه الله تعالى- لما ضعفه شديد، أما ما ضعفه محتمل قريب يعتبر به، ويستفاد منه في التقوية فإنه لا يبين ضعفه، وإنما التزم بيان الوهن الشديد، وقد وفى بذلك "ومنه ما لا يصح إسناده" وهذه الجملة إن رجعت إلى ما فيه وهن شديد الذي التزم بيانه فالأمر واضح؛ لأنه لم يصح إسناده، بل كله لا يصح إسناده الذي التزم بيانه، اللهم إلا أنه قد يصح الإسناد مع الوهن الشديد في متنه للمخالفة، لكن منه ما يرجع وهنه الشديد إلى إسناده، وهذا ظاهر، ومنه ما يرجع وهنه إلى متنه لوجود المخالفة والشذوذ والعلة القادحة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015