"وليس في كتاب السنن الذي صنفته عن رجل متروك الحديث شيء" لكنه -رحمه الله تعالى- خرّج لبعض من وصف بالترك، لمن قيل فيه من قبل بعض الأئمة: متروك، خرج لبعض هذا النوع، ويقول: "ليس في كتاب السنن الذي صنفته عن رجل متروك الحديث شيء" والعبارة نقل مكانها من قبل ابن منده فيما حكاه عن أبي داود أنه قال: "ما ذكرت في كتابي حديثاً أجمع الناس على تركه" وهذه أضيق دائرة؛ لأن هؤلاء المتروكين الذي خرج لهم الإمام أبو داود في سننه لم يجمع الناس على تركهم، وإن قيل في كل واحد منهم: متروك، ويترك حديث الراوي إذا اتهم بالكذب، فحديثه متروك، ومن هذا النوع بعض من خرج لهم أبو داود، لكنهم قلة.
طالب: ولعله عنده يا شيخ.
يعني هذا رأيه، أنه لا يصل إلى حد أن يبلغ متروك.
"وإذا كان فيه حديث منكر بينت أنه منكر، وليس على نحوه في الباب غيره" إذًا ما الفائدة من راويته وهو لا يحتج به؟ ليبين الإمام أبو داود أن هذه الترجمة الذي ذكر بها هذا الحديث لا يوجد ما يدل عليها في الصحيح والحسن والضعيف، الضعيف خفيف الضعف، وإنما لا يوجد فيها إلا حديث منكر، وتبعاً لذلك هذا الحكم يبقى أو ينفى؟
طالب: ينفى.
يعني هل من لازم الحكم أن يكون دليله الصريح صحيح؟ أو قد يثبت الحكم بالحديث بغير حديث مثلاً، بقياس أو بقاعدة عامة تتناوله بعمومها؟
طالب: يثبت بغير دليل.
أو بما يسمى بحشد الأدلة والإجلاب عليها، قد يكون مثلاً الاستدلال بهذا الحديث بمفرده لا ينهض على ثبوت الخبر، لكن يثبت هذا الخبر، ويذكر ما يشهد له من القواعد العامة، ومن تبناه من الصحابة والتابعين، ومن أفتى بموجبه من أهل العلم، ولذلك سيأتينا في المصطلح أن من أهل العلم من يقول: إن فتوى العالم على مقتضى حديث تصحيح وقبول للحديث، إذا لم يكن في الباب غيره، وعدم احتجاجه بالخبر تضعيف له، وسيأتي ما في هذه المسألة -إن شاء الله تعالى- في درس الألفية.