- الْغَرِيب قسطنطين هُوَ ابْن الدمستق مقدم الرّوم والكبول جمع كبل وَهُوَ الْقَيْد الضخم كبلت الْأَسير وكبلته إِذا قيدته فَهُوَ مكبول ومكبل الْمَعْنى يَقُول على قلب ابْن الدمستق من ذَلِك الضَّرْب تعجب شاغل وروع غَالب وَإِن كَانَ مَشْغُولًا بالقيد وَذَلِكَ لَا يمنعهُ من التَّعَجُّب مِمَّا يرى من شجاعة سيف الدولة وَقَالَ الْخَطِيب لما أسر سيف الدولة قسطنطين أكْرمه وَأقَام عِنْده بحلب مُدَّة فَمَاتَ فَاغْتَمَّ لذَلِك سيف الدولة فَلَمَّا بلغ مَوته أَبَاهُ دخلت الرّوم الجيوش الَّتِي فِيهَا الْمُسلمُونَ وَقتلُوا جمَاعَة فَكَانَ سيف الدولة يعيب عَلَيْهِم ذَلِك لأَنهم ظنُّوا أَنه سقَاهُ وَلَيْسَ الْأَمر كَمَا ظنُّوا
45 - الْغَرِيب الدمستق هُوَ أَمِير الرّوم الْمَعْنى أَنه يهدده يَقُول لَعَلَّك يَوْمًا تعود إِلَى مواقعة سيف الدولة فيحيق بك الْهَلَاك الَّذِي استدفعته بفرارك فَرب هارب منا يَئُول إِلَيْهِ ويتخلص مِمَّا يُورِدهُ الْحِين فِيهِ الْمَعْنى قد يهرب الْإِنْسَان مِمَّا يعود إِلَيْهِ قَالَ ابْن وَكِيع وَهَذَا مِمَّا نقل من قَول ابْن الرُّومِي
(وَإذَا خَشِيتَ مِنَ الأُمُورِ مُقَدَّراً ... وَهَرَبْتَ مِنْهُ فَنَحْوَهُ تتوَجَّهُ)
46 - الْغَرِيب المهجة الجريحة الدمستق والسائلة ابْنه الْمَعْنى يُرِيد أَن الدمستق ضرب فِي وَجهه فِي هَذِه الْوَقْعَة فَمضى هَارِبا واسر ابْنه فَجعل مهجته مجروحة وَإِن كَانَت الْجراحَة لَا تكون إِلَّا فِي الْبدن لِأَنَّهَا تسرى إِلَى الرّوح وَقَوله تسيل قَالَ أَبُو الْفَتْح يَعْنِي أَن ابْنه يذوب فِي الْقَيْد هما وغما وَقَالَ الواحدي لَيْسَ قَول أبي الْفَتْح بِشَيْء وَإِنَّمَا الْمَعْنى أَنه يقتل فيسيل دَمه وَالْمعْنَى أَنه يُخَاطب الدمستق فَيَقُول أَنْت وابنك كالشيء الْوَاحِد ومهجتاكما كالمهجة المفردة وَإِن كنت نجوت بمهجتك بعد الْجرْح الَّذِي نالك وخزى الْفِرَار الَّذِي لحقك فقد تركت مهجتك الثَّانِيَة فِي قبض الْأسر سَائِلَة ولحقيقة الْهَلَاك مُبَاشرَة فَمَا أدْرك ابْنك فقد أدركك وَمَا لحقه فقد لحقك
47 - الْإِعْرَاب هَذَا اسْتِفْهَام إِنْكَار وتوبيخ وهاربا حَال من الْمُخَاطب الْغَرِيب الخطية منسوبة إِلَى الْخط مَوضِع بِالْيَمَامَةِ الْمَعْنى يَقُول للدمستق أتسلم ابْنك للرماح هَارِبا عَنهُ وتتركه فِي قَبْضَة الْأسر متبرئا مِنْهُ ويسكن إِلَيْك بعد هَذَا خَلِيل تألفه وتسر بعيش تستأنفه