- الْمَعْنى يَقُول لَا تطلب مثله فظنى أَنه لَا يخلق الله مثل مُحَمَّد وَصدق إِن أَرَادَ الإسم لَا الصُّورَة لِأَن الله تَعَالَى لم يخلق فى الأول وَلَا فى الآخر مثل مُحَمَّد
وَمثله لأبى الشيص
(مَا كانَ مِثْلَكَ فِى الوَرَى فيمَنْ مَضَى ... أحَدٌ وَظَنِّى أنَّهُ لَا يُخْلَقُ)
وَلابْن الرومى
(فَهَلْ مِنْ سَبِيلٍ إِلَى مِثْلِهِ ... أبَى اللهُ ذَاك عَلى مَنْ خَلَقْ)
وللحصنى
(لمْ يكُنْ فِى خَليقَةِ اللهِ نِدّ ... لَكَ فِيما مَضَى وَليسَ يَكُونُ)
23 - الْغَرِيب أَتصدق أعْطِيه الصَّدَقَة وأهبها لَهُ وَالتَّصَدُّق إِعْطَاء الصَّدَقَة قَالَ الله تَعَالَى {وَتصدق علينا}
والمتصدق الْمُعْطى لقَوْله تَعَالَى {إِن الله يحب المتصدقين} والمصدق الذى يَأْخُذ صدقَات الْإِبِل وَالْغنم والمصدقين والمصدقات بتَشْديد الصَّاد وَأَصله المتصدقين فَقلب التَّاء صادا وأدغمت وَقَرَأَ أَبُو بكر عَن عَاصِم بِالتَّخْفِيفِ جعله من التَّصْدِيق وَقد جَاءَ فى الشاذ أَن الْمُتَصَدّق السَّائِل وَأنْكرهُ اللغويون وَأنْشد الْمُدعى لذَلِك
(لَوْ أنَّهُمْ رُزِقُوا عَلى أقْدَارِهِمْ ... لَلَقِيتَ أكْثَرَ مَنْ تَرَى يَتَصَدَّقُ)
أى يسْأَل النَّاس وَهُوَ من قَول زُهَيْر
(تَرَاهُ إذَا مَا جِئْتَهُ مُتَهَلِّلاً ... كأنَّكَ تُعْطِيهِ الذَّى أنْتَ سائِلُهْ)
24 - الْإِعْرَاب قَالَ الشريف هبة الله بن على بن مُحَمَّد الشجرى العلوى فى الأمالى لَهُ ونقلته بخطى تَقْدِيره فَإِن تنظر إِلَى لَا أغرق وَيحْتَمل رَفعه وَجْهَيْن أَحدهمَا أَرَادَ لِئَلَّا أغرق فَحذف لَام الْعلَّة ثمَّ حذف أَن فارتفع كَقَوْلِه
(أُوْجَدُ مَيْتا قَبَيْلَ أفْقِدُها ... )
كَمَا جَاءَ فى قَول طرفَة
(أَلا أيُّهذَا الزَّاجِرِ أَحْضُرَ الْوَغَى ... )
أَرَادَ أَن أحضر فحذفها يدلك على حذفهَا قَوْله وَأَن أشهد اللَّذَّات والثانى أَن يكون بإلفاء مقدرَة وَإِن كَانَت فى الْجَواب مقدرَة ارْتَفع الْفِعْل بتقديرها كَمَا يرْتَفع بإثباتها وَإِذا كَانُوا يحذفونها من جوا ب الشَّرْط الصَّرِيح فيرفعون فحذفها من جَوَاب الْأَمر أسهل كَقَوْلِه
(مَنْ يفْعَلِ الْحَسَناتِ اللهُ يَشْكُرُها ... )
وَأما قَوْله تَعَالَى {لَا يضركم} فى قِرَاءَة الْكُوفِيّين وَابْن عَامر فَفِيهِ ثَلَاثَة أَقْوَال أَحدهَا بِتَقْدِير الْفَاء والثانى على التَّقْدِيم وَالتَّأْخِير كَأَنَّهُ قَالَ لَا يضركم كيدهم وَإِن تصبروا وتتقوا وَبِهَذَا التَّقْدِير ارْتَفع قَول الشَّاعِر وَهُوَ بَيت الْكتاب
(إنَّكَ إنْ يُصْرَعْ أَخُوكَ تُصْرَعُ ... )
وَالثَّالِث أَن يكون الضَّم للإتباع الْغَرِيب الثرة الْكَثِيرَة المَاء من الثرارة قَالَ عنترة
(جادَتْ عَلَيْها كُلُّ عَيْنٍ ثَرَّةٍ ... )
الْمَعْنى لما ذكر الْمَطَر وكثرته ذكر الْغَرق فَقَالَ أمطر على جودك غزيرا وَلَكِن إِذا سَالَ على ارحمنى لكيلا أغرق من كثرته وَهُوَ من قَول عبد الله بن أَبى السمط فى وصف سَحَابَة
(حَتَّى ظَلَلْتُ أَقُولُ فِى إلْحاحِها ... بالْوَيْلِ هَلْ أَنا سالِمٌ لَا أغْرَقُ)