- الْمَعْنى يَقُول قد عَايَنت الْعَرَب وقائعه فى غَيرهم فَمَا وعظتهم تِلْكَ المصارع وَلَا بصرتهم تِلْكَ الزواجر وَكَانَ من حَقهم أَن يعتبروا وَقد أَرَاهُم مصرع العاصى الْخَارِج عَن أمره حَتَّى يعْتَبر الثانى بِالْأولِ وَهَذَا معنى قَول الشَّاعِر
(شَدَّ الخِطامَ بِأَنْفِ كُلّ مُخالِفٍ ... حَتَّى اسْتَقامَ لَهُ الَّذِى لَا يُخْطَمُ)
والمارق الذى يَمْرُق من الطَّاعَة والديانة وَهُوَ من مَسْرُوق السهْم
42 - الْغَرِيب القضم أكل الدَّابَّة الشّعير والعلائق جمع عليقة وهى المخلاة وجنوبها نَوَاحِيهَا وجيوبها مَا فتح من أَعْلَاهَا وجيب المخلاة فمها الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح سَأَلته عَن معنى هَذَا الْبَيْت فَقَالَ الْفرس إِذا علق عَلَيْهِ المخلاة طلب لَهَا موضعا مرتفعا يَجْعَلهَا عَلَيْهِ ثمَّ يَأْكُل فخيله إِذا أَعْطَيْت عليقها رفعته على هام الرِّجَال الْقَتْلَى لكثرتهم حولهَا فقد تعودت خيله فى غَزَوَاته ذَلِك
43 - الْإِعْرَاب وَلَا ترد نَصبه عطف على لَا تقضم الْغَرِيب الغدران جمع غَدِير وَهُوَ مَا غدره السَّيْل أى تَركه والشقائق نور أَحْمَر ينْسب إِلَى النُّعْمَان واحدتها شَقِيقَة الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح لِكَثْرَة مَا قتل من الْأَعْدَاء جرت دِمَاؤُهُمْ إِلَى الغدران فَغلبَتْ على خضرَة المَاء حمرَة الدَّم وَالْمَاء يلوح من خلال الدَّم فالريحان تَحت الشقائق لِأَن مَاء الغدير أَخْضَر من الطحلب فَشبه خضرَة المَاء وَحُمرَة الدَّم بالريحان تَحت الشقائق وَقَالَ ابْن فورجة لَا تشرب خيله المَاء إِلَّا وَقد حَارَبت عَلَيْهِ واحمر المَاء من دم الْأَعْدَاء كَمَا قَالَ بشار
(فَتًى لَا يَبِيتُ عَلى دِمْنَةٍ ... وَلا يَشْرَبُ المَاءَ إلاَّ بِدَمِ)
وَيجوز أَن يكون أَرَادَ أَن خيله لَا تقرب الغدران وَارِدَة وَلَا تقتحم مياهها شاربة إِلَّا وَتلك الْمِيَاه تَحت مَا يسفكه من دِمَاء أعدائه كالريحان فى خضرته إِذا استبان تَحت الشقائق واستولت بحمرتها على جملَته وَأَشَارَ بخضرة المَاء إِلَى صفائه وكثرته وَنبهَ بذلك على جمومه وَأَن هَذِه الْخَيل إِنَّمَا تأنس من المَاء مَا هَذِه صفته وَترد مِنْهُ مَا هَذِه حَقِيقَته وَفِيه نظر إِلَى قَول جرير
(وَما زَالَتِ القَتْلَى تَمُجُّ دِماءَها ... بدِجْلَةَ حَتَّى ماءُ دجَلَةِ أشْكَلُ)