- الْإِعْرَاب بعيدَة صفة لملمومة وَكَانَ الْوَجْه أَن يَقُول غبراء اليلامق إِلَّا أَنه حمله على الْمَعْنى لَا اللَّفْظ لِأَن الكتيبة الْجَمَاعَة كَمَا تَقول مَرَرْت بكتيبة حمر الْأَعْلَام الْغَرِيب الْبيض جمع بَيْضَة وهى الخوذة تكون على الرَّأْس واليلامق الأقبية وَاحِدهَا يلمق الْمَعْنى يُرِيد طول رماحهم وَأَنَّهُمْ شَدَّاد الْأَجْسَام وَأَنَّهُمْ ملئوا الأَرْض بكثرتهم فهم متلاصقون لكثرتهم وَقد تَبَاعَدت أَطْرَاف القنا من أُصُولهَا لطولها فقد تقَارب مَا بَين بيضها وَقد اغبرت ملابسهم لما تثير خيلهم من الْغُبَار ويحيط بهم من العجاج وَهَذَا إِشَارَة إِلَى أَن الفلوات الَّتِى ظن هَؤُلَاءِ الْعَرَب أَنَّهَا تعصمهم من خيل سيف الدولة أقحمها عَلَيْهِم وَلم يتهيب اختراقها مِنْهُم
31 - الْغَرِيب النهب الْغَارة وحماة الْحَقَائِق المانعون حريمهم الْمَعْنى يَقُول جود سيف الدولة يغنيها عَن النهب فَمَا يطْلبُونَ إِلَّا الشجعان الَّذين يحْمُونَ مِمَّا يحِق عَلَيْهِم حمايته وَهَذَا معنى قَول أَبى تَمام
(إنَّ الأُسُودَ أُسُودَ الغابِ هِمَّتُها ... يوْمَ الكَرِيهةِ فىِ المَسْلوبِ لَا السَّلَبِ)
32 - الْغَرِيب السُّورَة الوثبة والمترف المتنعم والسرادق مَا يكون حول الْفسْطَاط الْمَعْنى يَقُول ظن الْأَعْرَاب أَن وثبة سيف الدولة وثبة متنعم إِذا سَار فى الْبَيْدَاء وهى الأَرْض الْبَعِيدَة ذكرته طيب الْعَيْش فى ظلّ سرادقه كعادة الْمُلُوك فظنوا أَنه لَا يقدر على حر الْبَيْدَاء وعطشها فَإِذا بعدوا عَنهُ فى الأَرْض المنقطعة تَركهم وَمضى فظنوا أَنه فى قصدهم كقصد ملك شَأْنه الإتراف والدعة وَمن شَأْنه السّكُون والراحة تعوقه الْبَيْدَاء عَن مُبَاشرَة هجيرها واقتحامها ومواجهة سمومها يذكرهُ ظلّ السرادق وأبنيته ومواصلته الإيثار لخفض ذَلِك ودعته وَفِيه نظر إِلَى قَول البحترى
(أَلُوفُ الدّيارِ فإنْ أزْمَعَ ... التَّرَحُّلَ حَرَّمَ إيْطَانها)
(إذَا هَمَّ لَمْ يَهْتَدِمْ عَزْمَهُ ... مَقاصِيرُ يَعْتادُ أكْنانَها)
وَينظر إِلَى قَول النميرى
(كَذَبَ العِدَا لوْ كُنتَ صَاحِبَ نَعْمَةٍ ... صَرَعَتْكَ بينَ إقامَةٍ وكَلالِ)