- الْغَرِيب الاصطباح والاغتباق مستعملان فى الشّرْب عِنْد الصَّباح والعشى الْمَعْنى تميل رماح هَذِه الفرسان كَأَن بهَا خمارا وَذَلِكَ لِأَنَّهَا تميل من لينها فَكَأَن تِلْكَ الْخمر تَتَكَرَّر عَلَيْهَا اغتباقا واصطباحا وَهَذَا إِشَارَة إِلَى أَنه كثير الغارات لَا تفتر خيله جائلة غدوا وعشيا وَهَذَا مثل قَول البحترى
(يَتَعَثَّرْنَ فِى النُّحورِ وفِى الأوْ ... جُهِ سُكْراً لَمَّا شَرِبْنَ الدّماءَ)
27 - الْمَعْنى يُرِيد أَنه لما جاد وَأعْطى لم يفق من سكر الْجُود وَشرب الْخمر فَلم يسكر فتعجبت الْخمر لِأَنَّهَا لم تقدر على إِحَالَة ذهنه وَقصرت عَن مغالبة عقله وَاسْتولى عَلَيْهِ جوده فَلم يفق من طربه وَلَا صَحا من ارتياحه بِهِ وَالْأَحْسَن فى هَذَا قَول البحترى
(تَكَرَّمْتَ مِنْ قبلِ الكُئُوسِ عَلَيْهِمُ ... فَما اسْطَعْنَ أنْ يُحْدِثْنَ فيكَ تكرُّما)
28 - الْمَعْنى يَقُول أَقَامَ الشّعْر ينْتَظر أَوَان العطايا فَلَمَّا ظهر لَهُ مَا فاق الأمطار بكثرته فاق الأمطار الشّعْر أَيْضا بمدحه يُرِيد كَثْرَة الْأَشْعَار فى مدحه
29 - الْغَرِيب القيان جمع قينة وهى الْجَارِيَة الْمُغنيَة وَغير الْمُغنيَة أوقع الْجمع موقع الْوَاحِد وَإِنَّمَا أعطَاهُ جَارِيَة والدهماء أَرَادَ الْفرس الَّتِى أَعْطَاهَا إِيَّاهَا وَالصَّدَاق بِكَسْر الصَّاد وَفتحهَا وَالْفَتْح اخْتِيَار الْكُوفِيّين وَهُوَ مهر الْمَرْأَة وَيُقَال صدَاق وَصدقَة وَصدقَة الْمَعْنى يَقُول وزنا من الشّعْر قيمَة الدهماء بريد أَنه بعث إِلَى سيف الدولة مَا كافأه بِثمن الدهماء وهى الْفرس الَّتِى كَانَ أهداها لَهُ ووفى صدَاق الْقَيْنَة الَّتِى أهداها لَهُ وَهَذَا يُشِير إِلَى أَنه قايض جوده بِشعرِهِ وكافأ هِبته بمدحه وسمى قيمَة الْجَارِيَة صَدَاقا لِأَن الْقيمَة للْأمة كالصداق للْحرَّة لِأَنَّهَا تستحل بِالثّمن كَمَا تستحل الْحرَّة بِالْمهْرِ
30 - الْغَرِيب حاشا بِمَعْنى الإعاذة والتنزيه ويبارى يجارى ويباقى يفاعل من الْبَقَاء الْمَعْنى استدرك مَا كَانَ قَالَه فى الْبَيْت الْمُتَقَدّم من مكافاته بالشعر وَهُوَ قَوْله وزنا قيمَة الدهماء مِنْهُ وَأَنه جعل الشّعْر فى مُقَابلَة عطائه فَقَالَ حاشا لجودك أَن يجازى بشئ لِأَنَّهُ أَكثر مِمَّا يعاوضه شئ وكرمك لَا يباهى فى الْبَقَاء لِأَنَّهُ أبقى من كرم غَيْرك وَمعنى الْبَيْت أَن كرمك أَكثر وَأبقى من كرم غَيْرك